الرئيسيةأعداد المجلة تفاصيل الدراسة

الطلاق العاطفى فى ضوء بعض المتغيرات لدى عينة من المتزوجات

المقدمة:
إن الزواج قرار مصيرى من أهم القرارات التى قد يتخذها الإنسان فى حياته وهو أول وعد عاطفى ورسمى إرادى بحياتنا، ولا يجب أن يتسرع فيه الإنسان مطلقًا كى لا يندم باقى عمره على اختياره؛ فهذا القرار إما أن يكون سبباً لسعادته ونجاحه وفى تكوين أسرة سعيدة، وإما أن يكون هو نفسه السبب وراء تعاسته وإحباطه وفشله، فيصبح الزواج مصدرًا للكدر وللضغوط النفسية والاضطرابات النفسية.
ومع التقدم والتحضر واحتكاكنا بالحضارات الغربية بإيجابياتها وسلبياتها، تأثرت مجتمعاتنا العربية بتلك القيم الغريبة علينا التى لم نعهدها من قبل، وسادت النظرة المادية و روح الأنانية على العلاقات الإنسانية الدافئة، فاختلف شكل الأسرة عن ذى قبل وضعُفت العلاقات بين الزوجين وقل الاحترام، وزادت الخلافات ووصل الأمر إلى العداوة والكراهية والطلاق فى أحيان كثيرة. وكما أشارت الدراسات والإحصاءات إلى ارتفاع نسب الطلاق الرسمى فى مجتمعاتنا العربية وخاصةً مصر التى سجلت أعلى نسب الطلاق فى الدول العربية، ظهرت مشكلة أخطر وأكثر أثرًا وانتشارًا وهى "الطلاق العاطفى" أو الطلاق النفسى.
تشير الدراسات إلى أنه انتشر بنسبة 80% بين الأسر المصرية. ويعرف بأنه: طلاق غير معلن على الملأ، بل أحيانًا يكون من طرف واحد فى حين يجهله الطرف الآخر، ويحدث نتيجة للضغوط المتتالية والخلافات الحادة، ويتميز بقلة الاتصال الإيجابى وانخفاض أو انقطاع الاتصال الجنسى (هادى، 2012، 438). وهو حالة من الفتور بين الزوجين وعدم التفاهم فى كل الأمور البيتية والحياتية وبخصوص الأولاد، وفقدان للمودة والرحمة والسكينة بينهما، وبمرور الأيام تتطور إلى انفصال فى كل شىء وتسود مشاعر الغربة بينهما تحت سقف بيت واحد (العبيدى، 2015، 27).
وفى حالة الطلاق العاطفى يعيش الزوجان تحت سقف واحد ويظهران أمام الناس كأسرة مثالية سعيدة وهما فى الحقيقة أغراب عن بعضهما البعض، يعيش كل منهما فى عالم منفصل، يقل الحوار بينهما بالتدريج ويسود الصمت، لا يوجد ما يجمعهما من ميول أو مشاعر صادقة أو تفاهم، يشعران كأنهما مجبورين على تلك الحياة من أجل المظهر الاجتماعى والخوف من كلام الناس أو من أجل الأولاد. وقد تقبل الزوجة بهذا الوضع لعدم وجود عائل آخر لها غير الزوج أو خوفاً من الأهل والمجتمع. هو طلاق بلا شهود وهو أشد خطرًا وألمًا على كلا الزوجين، ويصبح حضور أو غياب أحدهما لا يفرق ولا يعنى الكثير، وقد يكون البعد أفضل أحيانًا. ثم تسود مشاعر الاكتئاب والكدر ويظهر القلق وقد يتطور الإحساس فيظهر الغضب والعنف والاعتداء الجسدى أو اللفظى أو المعنوى بينهما (Sadeghi & Babaeei, 2012).
تقل كفاءة الأسرة بالتدريج، وتتأثر صحتها النفسية ويتأثر الأولاد ويشعرون بنقص الدفء والأمان والمودة، وتزيد هشاشة الأسرة وينقص الدعم العاطفى. وجدت الدراسات أن الأطفال الذين يعيشون فى بيئة تسودها المشاكل وتصيد الأخطاء، يعانون فيما بعد من مشكلات فى تكوين علاقات سوية و ينخفض مستوى تقدير الذات لديهم وينكسرون تحت الضغط . كما أن هناك علاقة بين الطلاق العاطفى كما يدركه الأبناء، وبين السلوك العدوانى لديهم عن أطفال الأسر السوية (عبد المجيد، 2006).
من أسباب الطلاق العاطفى عدم التقارب أو التوافق الفكرى والثقافى والتعليمى بين الزوجين، أو التسرع فى الاختيار والتحقق الجيد من صفات شريك الحياة، صغر سن الزوجين ونقص النضج العقلى لديهم، عدم قدرة الأزواج على تجديد أنفسهم، العنف أو الاعتداء الجسدى واللفظى، إهمال الجانب العاطفى والجنسى للشريك، التركيز على المادة والعمل والطموحات دون اهتمام بمشاعر الزوج مما يؤدى لموت الحب، المشكلات المالية التى قد تمر على الزوجين، الاختلاف بين الزوجين فى السمات الشخصية والطباع (الحسين، 2013).
مشكلة البحث:
تعتبر الأسرة هى عماد المجتمع البشرى وهى اللبنة الصغيرة التى يبنى على أساسها المجتمع، فإذا صلحت تلك الأسرة وبنيت على أعمدة قوية وروابط لا يمكن تفكيكها عاشت تلك الأسرة بسعادة ورضا ونجحت فى الحياة وإذا داهمتها المشاكل والهموم والاضطرابات، تفككت وانهارت وعانى كل أفرادها من الصراعات والمشكلات النفسية. والطلاق العاطفى كالجرثومة التى تتسلل داخل الأسرة وتفكك أوصالها وتجعلها هشة من الداخل وتنهار فى النهاية مع ازدياد المشاكل.
يؤدى الطلاق العاطفى إلى الوحدة والعزلة بين الزوجين فهو يقلل من التواصل والحوار بينهما؛ فكل منهما يشعر بأن الآخر لا يفهمه، يشعران بالتباعد واليأس والانفصال المعنوى وتغيب البهجة والمودة وتغلب العلاقات المصطنعة وقد يبدأ أحدهما أو كلاهما فى البحث عن بدائل إما بالانفصال والزواج مرة أخرى أو تعدد الزوجات أو بالخيانة للأسف.
تزداد المشكلة بوجود أطفال يصبحون ضحايا هذا الزواج الفاشل ويشاهدون الانفصال المعنوى والعلاقات الباردة بأعينهم، وقد يصل الأمر للعنف والضرب والإساءة اللفظية مما يؤثر على صحتهم النفسية، يصبحون أكثر عزلة ووحدة واكتئاباً، أو يصبحون أكثر عدوانية ويتدنى مستواهم الأكاديمى. وتشير الدراسات أن أغلب الجانحين والمجرمين و المختلين نفسياً قد نشأوا فى أسر غير متماسكة تعصف بها المشاكل (عبد المجيد، 2006).
ومما سبق يرى فريق البحث أن الطلاق العاطفى هو معاناة للزوجين، وللأبناء، وله آثار سلبية مدمرة على الفرد والأسرة التى تعتبر نواة المجتمع وتنعكس عليه. وبالتالى فقد تمثلت تساؤلات البحث فى:
  1. ما مستوى  الطلاق العاطفى لدى عينة الدراسة من المتزوجات من مستويات عمرية مختلفة؟
  2. هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية فى الطلاق العاطفى تعزى لمتغير سنوات الزواج لدى عينة الدراسة؟
  3. هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية فى الطلاق العاطفى تعزى لمتغير المؤهل الدراسى لدى عينة الدراسة؟
 
أهداف البحث:
  1. التعرف على درجة الطلاق العاطفى لدى عينة الدراسة من المتزوجين من مستويات عمرية مختلفة.
  2. التعرف على الفروق فى الطلاق العاطفى تعزى لمتغير سنوات الزواج لدى عينة الدراسة.
  3. التعرف على الفروق فى الطلاق العاطفى تعزى لمتغير المؤهل الدراسى لدى عينة الدراسة.
حدود البحث:
يتم البحث الحالى على مجموعة من المتزوجين من مستويات عمرية مختلفة بمحافظة السويس عام 2019.
مصطلحات البحث:
     تعرف العبيدى (2015) الطلاق العاطفى بأنه حالة من الفتور بين الزوجين وعدم التفاهم فى كل الأمور البيتية والحياتية والأولاد وفقدان المودة والرحمة والسكينة بينهما، وبمرور الأيام تتطور إلى انفصال فى كل شىء وتسود مشاعر الغربة بينهما كأنهما أغراب تحت سقف بيت واحد، والذى يقاس إجرائيًا بالدرجة التى يحصل عليها المستجيب عند إجابته على المقياس الموجود بالبحث الحالى.
الإطار النظرى:
قال تعالى: ﮉ  ﮊ  ﮋ  ﮌ  ﮍ  ﮎ  ﮏ   ﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ  ﮔ  ﮕ  ﮖ (سورة الروم، آية 21). سن الله سبحانه وتعالى الزواج لبنى آدم لحكمة عظيمة للفرد والمجتمع وللحياة ككل؛ فكما ذكرت الآية فإن الزواج يحقق للإنسان السكن والمودة والرحمة، فيصبح الزوج سترًا وسندًا لزوجته وتصبح الزوجة هى الصديقة والحبيبة ومصدر الحنان والدفء. وبذلك يتحقق الإشباع النفسى والعاطفى والروحى والجنسى لكليهما، ويشعر الفرد بالسعادة والاستقرار والرضا عن حياته ككل. كما تتجلى حكمة أخرى من الزواج وهى الإنجاب واستمرار الجنس البشرى لعبادة الله وتعمير الكون. إن إنجاب الأولاد يحقق جانباً آخر من الإشباع للزوج بتحقق حاجته للأبوة وتتحقق للزوجة حاجتها للأمومة.
وهناك عدة عوامل قد تؤدى لتفكك الأسرة وظهور مشكلات كبيرة بها قد تصل إلى الطلاق الرسمى أو إلى الطلاق العاطفى. والطلاق العاطفى هو أحد المشكلات الحديثة التى ظهرت وزادت بشكل كبير فى السنوات الأخيرة، فى ظل التكنولوجيا الحديثة التى بعدت الزوجين عن بعضهما البعض، وبسبب الظروف الاقتصادية التى أثرت على حياة الأزواج فى كل مكان، بالإضافة للتغيرات فى البناء القيمى والاجتماعى عما كان فى وقت آبائنا وأجدادنا، فأصبح الطلاق سواء الرسمى أو العاطفى هو أسهل الحلول.
تعريف الطلاق العاطفى:
يعرف الطلاق العاطفى بأنه طلاق غير معلن على الملأ، بل أحياناً يكون من طرف واحد فى حين يجهله الطرف الآخر، ويحدث نتيجة للضغوط المتتالية والخلافات الحادة، ويتميز بقلة الاتصال الإيجابى وانخفاض أو انقطاع الاتصال الجنسى (هادى، 2012، 438).
ويعرف بأنه حالة من الفتور بين الزوجين وعدم التفاهم فى كل الأمور البيتية والحياتية وبخصوص الأولاد، وفقدان للمودة والرحمة والسكينة بينهما، وبمرور الأيام تتطور إلى انفصال فى كل شىء وتسود مشاعر الغربة بينهما تحت سقف بيت واحد (العبيدى، 2015: 27).
يعرفه (الحقبانى، 2013) بأنه هجر الزوج لزوجته سواء كان الهجر فى العلاقة العاطفية أو المحادثة، وفقدان المودة والسكن النفسى مع قيام الزوج بالحقوق الزوجية الأخرى بحيث يظهر للناس استقامة العلاقة الزوجية.
أسباب الطلاق العاطفى:
من أسباب الطلاق العاطفى عدم التوافق أو التقارب الفكرى والثقافى والتعليمى بين الزوجين، أو التسرع فى الاختيار والتحقق الجيد من صفات الزوج، صغر سن الزوجين ونقص النضج العقلى لديهم، عدم قدرة الأزواج على تجديد أنفسهم، وبسبب العنف أو الاعتداء الجسدى واللفظى، إهمال الجانب العاطفى والجنسى للشريك، مع التركيز على المادة والعمل والطموحات دون اهتمام بمشاعر الزوج مما يؤدى لموت الحب، المشكلات المالية التى قد تمر على الزوجين، الاختلاف بين الزوجين فى السمات الشخصية والطباع (الحسين، 2013).
ومن أسبابه أيضًا السمات الشخصية للزوجين والاختلاف فى طريقة النشأة، حيث تؤثر نشأتهم فى بيئة عاطفية جافة على ظهور الطلاق العاطفى بينهما. كذلك نزول المرأة للعمل، وإن كان أحياناً ضرورياً فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة حالياً، كما أنه يحقق للمرأة الكثير من الإحساس بالثقة والإشباع والتقدير لذاتها، فإنه يعد أحد الأسباب الرئيسية للمشكلات الزوجية لاختلاف دور المرأة عن ذى قبل وانشغالها عن زوجها وأولادها. كذلك بخل المرأة بمشاعرها وعواطفها وانشغالها وعدم اهتمامها بالزوج بشكل كاف، كذلك عدم تعبير الزوجين عن عواطفهما نحو الشريك إما تكبرًا أو جهلاً أو خجلاً (آل زعلة، 2013).
نتائج الطلاق العاطفى:
للطلاق العاطفى بعض الآثار السلبية، حيث إنه يسبب الشعور بالإحباط والحزن، والوحدة والاكتئاب، وبعض المشكلات الصحية كضغط الدم وأمراض القلب، وفقدان الرغبة الجنسية، الخيانة والشك فى الآخر، كما يكثر السلوك العدوانى، وفقدان الثقة بالنفس، وفقدان الأمان والبهجة، استغلال الأبناء من قبل أحد الوالدين، وقد يصل الأمر للعنف والإدمان وقد يؤدى إلى الانتحار (آل زعلة، 2013). كما يعانى أبناء تلك الأسر التى يعانون من الطلاق العاطفى فيصبحون أكثر قلقاً وعدوانية ويضعف إنجازهم الدراسى، وأحياناً يكون الطلاق الرسمى الفعلى أفضل للصحة النفسية  للأطفال وللزوجين  من الزواج الفاشل الذى يشبه الحرب (Gottman, 1999, 6).
مراحل الطلاق العاطفى:
ترى (العبيدى، 2015) أن الطلاق العاطفى لا يحدث فجأة، ولا بسبب مشكلة واحدة، ولا بسبب غلطة فعلها أحد الطرفين، وإنما هو نتيجة لخلافات ومشاكل على مدى سنين طويلة، ويمر بعدة مراحل هى:
أولاً: زعزعة الثقة وفقدانها:
خلال هذه المرحلة يفقد أحد الطرفين الثقة فى الطرف الآخر، وتهتز صورته أمامه، ومن الصعب إصلاح هذا الاهتزاز فى الثقة، فيبدأن فى الشك فى القول والفعل، مما يؤدى إلى فتور الحب بين الزوجين (هادى، 2012).
ثانيًا: فتور الحب وفقدانه:
فى خلال تلك المرحلة يكثر العتاب واللوم، وتزداد الاتهامات بعدم تحمل المسئولية، فيزداد الصدام والخلاف بين الزوجين، ويصبح الزوجان غير منجذبين لبعضهما، فلا يهتم أحدهما بالآخر، ولا ينظر له نظرات الحب والإعجاب، بل يميل لتضخيم عيوبه، وتصيد أخطائه (الرشيدى، والخليفى، 2008)
ثالثًا: الأنانية:
الأنانية هى أن يفكر كل طرف فى نفسه وفى مصلحته فقط دون مراعاة للطرف الآخر، فيفقدان الرغبة فى التضحية من أجل الآخر، ويركز كل طرف على الاهتمام بنفسه وادخار المال لحسابه الخاص، ويقل لديه الشعور بالمسئولية (هادى، 2012).
رابعًا: الصمت الزوجى:
هو أحد سمات الطلاق العاطفى، وهو عدم تبادل المشاعر الودية، والأحاديث بين الزوجين، لاقتناعهما بعدم الرغبة فى الحوار، أو بسبب اقتناعهما بعدم جدوى الحوار مما يزيد من الهوة بين الزوجين، ويهدد الزواج بالتمزق. وإذا اضطر الزوجان للحديث، فيكون الحوار بلهجة حادة، مهينة، قد يجرح فيها أحدهما الآخر وينعدم فيها التقدير (العراقى، 2006).
خامسًا: الطلاق العاطفى:
فى هذه المرحلة ينعدم التعامل الودى بين الزوجين، فيختلى كلا الزوجين بنفسه، وقد لا يحتك أحدهما بالآخر، وقد يصلان إلى الامتناع الجنسى، ويصلان إلى الكراهية والعناد والقطيعة، وتظهر مشاعر الغربة داخل المنزل، فيشعر الزوجان أنهما غريبان مجبران على البقاء فى مكان واحد (السميحين، 2019).
النظريات المفسرة للطلاق العاطفى:
نظرية التبادل الاجتماعى:
تعتبر نظرية التبادل الاجتماعى من النظريات المعروفة فى العالم، وتقوم على أن التفاعل بين الأفراد، أو بين المؤسسات يقوم على مبدأ تبادل شىء بشىء آخر. والتفاعلات الأسرية تقوم على مبدأ العدالة التوزيعية، حيث تؤدى تكاليف العدالة الاجتماعية إلى إرباح العلاقة لكلا الطرفين.
     وطبقاً لنظرية التبادل الاجتماعى فإن الزوجين يستمران فى التفاعل معًا ويشعران بالتماسك والتعاون، حين يشعر كل منهما بأنه رابح فى تفاعله مع الآخر، فيواصل التفاعل معه، وعلى العكس من ذلك، حين يجد أحدهما أو كلاهما نفسه خاسرًا فى هذا التفاعل، فإنهما يتوقفان عن التفاعل، أو يتفاعلان بشكل عدائى. الربح النفسى يدفع الزوجين إلى تعديل سلوكياتهم وأفكارهم ومشاعرهم، ويحاولان تعلم كيف يرضيان بعضهما البعض.
أما إذا شعر أحد الزوجين بالخسارة النفسية فى التفاعل الزواجى، فإنها تؤدى إلى التمرد النفسى على الزوج الذى كان سبباً فى الخسارة، ويتحول تفاعلهما إلى صراع. ويستمر الصراع بينهما حتى ينتصر أحدهما على الآخر، أو ينفصلان عن بعضهما البعض، وأحياناً قد يضطر أحد الزوجين لمهادنة الزوج الآخر والتعاون معه، بسبب وجود مصالح شخصية أو مادية بينهما، أو لدرء خسائر نفسية أو مادية قد يتعرض لها لو انفصل عنه أو توقف عن التفاعل الزواجى معه، وهذا يجعلهما يعيشان بلا سعادة حقيقية.
دراسات سابقة:
دراسة (الفتلاوى، وجبار، 2012)
كان الهدف من الدراسة التعرف على مستوى الطلاق العاطفى لدى المتزوجين، والتعرف على الفروق الإحصائية فى الطلاق العاطفى وفق متغير الجنس. تكونت عينة الدراسة من (300) موظف وموظفة متزوجين، و تم استخدام مقياس الطلاق العاطفى من إعداد الباحثين، أظهرت النتائج وجود مستوى منخفض من الطلاق العاطفى لديهم، ووجود فروق ذات دلالة إحصائية فى الطلاق العاطفى تبعاً للجنس لصالح الإناث.
دراسة (Akbar, Hossein & Hengameh, 2014)
قامت الدراسة بفحص العلاقة بين الاحتراق الوظيفى والطلاق العاطفى، تكونت العينة من (180) مديرًا بإيران. قام الباحثان باستخدام مقياس الاحتراق النفسى لماسلاش واستبيان الطلاق العاطفى. أسفرت النتائج عن وجود علاقة بين الاحتراق الوظيفى وبين الطلاق العاطفى بين المدراء، كما توجد علاقة بين مكونات الاحتراق الوظيفى والطلاق العاطفى بين المدراء.
دراسة (العبيدى،2015)
كان الهدف من الدراسة هو التعرف على الطلاق العاطفى لدى طلاب الجامعة المتزوجين، والتعرف على الفروق فيه تبعًا لمتغير الجنس، ومدة الزواج، والحالة الاقتصادية، والفارق العمرى بين الزوجين، تكونت عينة البحث من (120) طالبًا وطالبة، وتم تطبيق مقياس الطلاق العاطفى، كشفت نتائج البحث أن طلبة الجامعة يعانون من الطلاق العاطفى، وكذلك بينت النتائج وجود فروق فى الطلاق العاطفى وفق متغير مدة الزواج ولصالح )أقل من 5 سنوات( الحالة الاقتصادية ولصالح الحالة الاقتصادية غير الجيدة، وفى الفارق العمرى لصالح الفارق العمرى أكثرمن 5 سنوات(، بينما لم تظهر النتائج وجود فروق فى الطلاق العاطفى بين الجنسين.
دراسة (Amiri, Hekmatpour & Fadaei, 2015)
قامت الدراسة بدراسة أثر الطلاق العاطفى على أداء الأسرة، تكونت العينة من (80) زوجة بإيران، واستخدم الباحثان استبيان الطلاق العاطفى ومقياس أداء الأسرة، وأسفرت النتائج عن وجود علاقة دالة إحصائيًا بين الطلاق العاطفى وبين أبعاد تفاعل الأدوار، وعملية حل المشكلات، والاندماج العاطفى.
دراسة (الشواشرة، وعبد الرحمن، 2018)
هدفت الدراسة للكشف عن مستوى الانفصال العاطفى، وعلاقته بالأفكار اللاعقلانية لدى المتزوجين. تكونت عينة الدراسة من (242) من المتزوجين، ولتحقيق أهداف الدراسة، تم استخدام مقياس الانفصال العاطفى المطور، وأظهرت نتائج الدراسة أن مستوى الانفصال العاطفى، ومستوى الأفكار اللاعقلانية كان منخفضًا. كذلك أظهرت النتائج وجود علاقة "ارتباطية طردية" دالة إحصائياً بين مستوى الانفصال العاطفى والأفكار اللاعقلانية، أشارت النتائج إلى عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية فى قوة العلاقة الارتباطية بين الانفصال العاطفى والأفكار اللاعقلانية، وفقا لمتغيرى الجنس، وعدد سنوات الزواج، بينما وجدت فروق ذات دلالة إحصائية وفقا لمتغير المستوى التعليمى، ولصالح حملة درجة ماجستير فأعلى، ثم تلاه البكالوريوس.
دراسة (السميحين، 2019)
كان الهدف من الدراسة معرفة العلاقة بين الطلاق العاطفى ومستوى استخدام شبكات التواصل الاجتماعى لدى عينة من النساء المتزوجات، وتكونت العينة من (30) امرأة متزوجة، وتم استخدام مقياس الطلاق العاطفى، ومقياس التواصل الاجتماعى، وأظهرت النتائج أن مستوى الطلاق العاطفى كان بدرجة متوسطة، ووجود علاقة ارتباطية دالة إحصائيًا بين الطلاق العاطفى ومستوى استخدام شبكات التواصل الاجتماعى.
مجتمع البحث وعينته:
تم اختيار عينة البحث البالغة (35) امرأة متزوجة عاملة وغير عاملة، من فئات عمرية مختلفة بمحافظة السويس، تم اختيارهن بصورة عشوائية من المدارس، ومن جامعة السويس، ومن ربات البيوت.

جدول (1) توزيع أفراد العينة حسب المؤهل الدراسى، وعدد سنوات الزواج
  عدد سنوات الزواج المؤهل الدراسى
  1-5 سنوات من 6-10 من 11-15 16 فأعلى أقل من بكالريوس بكالريوس دراسات عليا
العدد 8 5 6 16 5 16 14
النسبة 22.9 14.3 17.1 45.7 14.3 45.7 40.0
 
أداة الدراسة:
تم استخدام مقياس الانفصال العاطفى الذى أعده الشواشرة، وعبد الرحمن، (2018). ويتمتع المقياس بخصائص سيكو مترية مناسبة من الصدق والثبات.
1- صدق المحكمين:
قام الباحثان بعرض المقياس على (10) محكمين من ذوى الاختصاص بمجال الإرشاد النفسى، وعلم النفس الإكلينيكى فى جامعتى اليرموك، وعجلون الوطنية، وكانت نسبة الاتفاق (90%) على عبارات المقياس التى بلغت 37 عبارة، ولم يتم حذف أى عبارة، وجرى تعديل بعض العبارات بناءً على رأى المحكّمين .
2- صدق البناء:
تم حساب دلالات صدق البناء للمقياس من خلال تطبيقه على عينة استطلاعية تضم (30) متزوجًا، تم اختيار هم من مجتمع الدراسة، وقد تم حساب معاملات الارتباط بين الدرجة على كلّ فقرة بالدرجة الكلية للمقياس، والمجال الذى ينتمى إليه، وقيم معاملات الارتباط بين فقرات المقياس مع الدرجة الكلية (0.48 – 0.84) ومعامل ارتباط الفقرات بمجالاتهاقد تراوحت بين (0.89- 0.41) وهى قيم دالة إحصائيًا، وهى مؤشرات جيدة للحكم على صدق الأداة.
الجدول (2:( قيم معاملات الارتباط بين مجالات مقياس الانفصال العاطفى ببعضها البعض وبالدرجة الكلية
البعد الاجتماعى النفسى العاطفى الكلى
البعد الاجتماعى - 0.66* 0.77* 0.79*
البعد النفسى   - 0.80* 0.68*
البعد العاطفى     - 0.56*
 
*دال عند (0.05)
يظهر من جدول (2) أن جميع قيم معاملات الارتباط بين الأبعاد دالة إحصائيًا وتتراوح بين 0.66 – 0.80 وتراوحت معاملات الارتباط بين الأبعاد والدرجة الكلية للمقياس بين -0.79 و0.56 وجميعها دالَّة إحصائيًا، وهذامؤشر على صدق البناء للمقياس.
3- الثبات:
تم قياس الثبات باستخدام أسلوب الاتساق الداخلى، وأسلوب إعادة الاختبار:
أ- الاتساق الداخلى: 
تم حساب الاتساق الداخلى بمعادلة ألفا كرونباخ وبلغ (0.74)
ب- إعادة تطبيق الاختبار:
تم إعادة الاختبار على عينة استطلاعية تبلغ (30) متزوجًا من عينة الدراسة بعد مرور أسبوعين من التطبيق الأول، وبلغ (0.77).
جدول (3) معاملات الثبات للمقياس بأبعاده الفرعية باستخدام معادلة ألفا كرونباخ
البعد     عدد الفقرات اعادة الاختبار ألفا كرونباخ
المجال الاجتماعى 11 0.86 0.82
المجال النفسى 13 0.77 0.83
المجال العاطفى 13 0.66 0.77
الكلى 37 0.77 0.74
 
تصحيح المقياس:
يتكون المقياس بصورته النهائية من) 37(، عبارة موزعة على (3) أبعاد؛ المجال الاجتماعى 11 عبارة، والمجال النَّفسى 13 عبارة،  والمجال العاطفى 13 عبارة، تتم الإجابة عن كل عبارة وفق سلم إجابات خماسى دائماً= 5، وغالباً=4، وأحياناً=3 ونادراً=2، وأبدا=1. وتتراوح الدرجة الكلية للمقياس ما بين (37 - 185) درجة.
منهج الدراسة:
لتحقيق أهداف الدراسة تم استخدام المنهج الوصفى الارتباطى، وذلك لقدرته على المساهمة بالمعلومات اللازمة للتعرف على مستوى الطلاق العاطفى لدى المتزوجين، ثم تحليل هذه البيانات، وتفسيرها للوصول إلى النتائج التى تسهم فى تحقيق أهداف الدراسة الحالية.
الإجراءات:
  1. تم تطبيق المقاييس على أفراد العينة بعد شرح موضوع الدراسة وأهدافها، وتوضيح أن نتائج الدراسة التى سيتم الحصول عليها لن تستخدم إلا لأغراض البحث العلمى وستكون بغاية السرية.
  2. إعطاء الوقت الكافى للإجابة، والتحقق من الإجابة على كافة الفقرات لأغراض التحليل الإحصائى، من ثم تم إدخال البيانات على برنامج SPSS وتحليلها.
نتائج الدراسة:
النتائج المتعلقة بالسؤال الأول:
ما مستوى  الطلاق العاطفى لدى عينة الدراسة من المتزوجات من مستويات عمرية مختلفة؟
     وللإجابة عن هذا السؤال تم حساب المتوسط الحسابى والانحراف المعيارى لاستجابات أفراد العينة كما يتضح من جدول (4):
جدول (4): المتوسط الحسابى لاستجابات أفراد العينة على مقياس الطلاق العاطفى
  المتوسط الحسابى الانحراف المعيارى النسبة المئوية المستوى
الدرجة الكلية 99.03 9.844 63% متوسط
 
يلاحظ من جدول (4) أن مستوى الطلاق العاطفى لدى أفراد العينة متوسط.
أظهرت النتائج وجود مستوى متوسط من الطلاق العاطفى لدى عينة الدراسة، مما يدل على وجود المشكلة بشكل حقيقى وإن لم تستفحل، ذلك للآثار السيئة للطلاق العاطفى على الفرد والمجتمع وعلى الأطفال ممن سيبنى عليهم المستقبل، والطلاق العاطفى من أهم الأسباب النفسية التى قد تسبب خللاً فى النظام الأسرى، وعدم الارتياح لدى الأزواج، والإحساس بالعجز، وفقدان الأمل فى استمرار الحياة الزوجية، وتشتت الأبناء، مما يشوه علاقة سامية شرعها الله لإعمار الكون، ولسعادة الإنسان وسكينته. واتفقت هذه النتيجة مع دراسة السميحين (2019)، بينما ظهر مستوى منخفض من الطلاق العاطفى كما فى دراسة الشواشرة، وعبد الرحمن (2018).
النتائج المتعلقة بالسؤال الثانى:
هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية فى الطلاق العاطفى تعزى لمتغير عدد سنوات الزواج لدى عينة الدراسة؟  ولفحص هذا السؤال تم تطبيق تحليل التباين ANOVA والجدول التالى يوضح ذلك:
جدول (5) نتائج تحليل التباين الأحادى على مقياس الطلاق العاطفى تبعًا لمتغير عدد سنوات الزواج لدى عينة الدراسة
مصدر التباين مجموع المربعات درجات الحرية متوسط المربعات قيمة ف مستوى الدلالة
بين المجموعات 524.159 4 131.040 1.419 0.256
داخل المجموعات 2770.812 30 92.360
المجموع 3294.971 34
 
تشير نتائج تحليل التباين أنه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية فى درجات الطلاق العاطفى لدى أفراد العينة تُعزى لمتغير عدد سنوات الزواج عند مستوى  دلالة (0.05).
ويفسر فريق البحث ذلك بأن عدد السنوات قد لا يصبح ذا أهمية إذا كان الاختلاف فى الطباع أو المستوى العلمى أو الاقتصادى بين الزوجين كبيرًا، فحينها تزداد الخلافات وتتسع الهوة بين الزوجين، وتدريجياً يصلان إلى الطلاق العاطفى.
النتائج المتعلقة بالسؤال الثالث:
هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية فى الطلاق العاطفى تعزى لمتغير المؤهل الدراسى لدى عينة الدراسة؟
ولفحص هذا السؤال تم تطبيق تحليل التباين ANOVA والجدول التالى يوضح ذلك:
جدول (6) نتائج تحليل التباين الأحادى على مقياس الطلاق العاطفى تبعاً لمتغير المؤهل الدراسى لدى عينة الدراسة
مصدر التباين مجموع المربعات درجات الحرية متوسط المربعات قيمة ف مستوى الدلالة
بين المجموعات 205.843 2 102.921 1.066 0.356
داخل المجموعات 3089.129 32 96.535
المجموع 3294.971 34
 
تشير نتائج تحليل التباين الموضحة فى جدول (6) أنه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية فى درجات الطلاق العاطفى لدى أفراد العينة تُعزى لمتغير المؤهل الدراسى عند مستوى دلالة (0.05).
ويفسر فريق البحث ذلك أنه رغم أهمية المؤهل الدراسى، ومستوى ثقافة الفرد ودرجة تعليمه على حياته الزوجية، وعلى حياته عمومًا، إلا أن اتساع التفكير ومرونته، ووجود الحب من عدمه بين الزوجين، ورغبة الزوجة فى نجاح زواجها قد يقلل من أهمية المؤهل الدراسى، أو قد يعوضه أشياء أخرى، مما يقلل الشعور بالطلاق العاطفى كما ظهر مع أفراد العينة. وتختلف هذه النتيجة مع نتيجة دراسة الشواشرة، وعبد الرحمن (2018)، حيث ظهرت فروق بين أفراد العينة ترجع لمتغير المؤهل الدراسى لصالح المؤهل الأعلى.
التوصيات:
  •  عمل برامج إرشادية للمقبلين على الزواج، يتم تدريبهم على كيفية اختيار شريك الحياة المناسب، وكيفية إنجاح العلاقة الزوجية.
  •  رفع مستوى الوعى لدى الأزواج عن خطورة الطلاق العاطفى، وكيفية القضاء عليه فى مجتمعاتنا.
  •  تقديم مادة الإرشاد الزواجى بالمرحلة الجامعية وما قبل الجامعية.
 

المراجع
الحسين، أسماء، وآل زعلة، موسى، والحقبانى، سعد (2013). دليل الإرشاد الأسرى، مشكلة الطلاق العاطفى وكيف يتعامل معها المرشد الأسرى. الرياض: مكتبة الملك فهد للنشر.
الرشيدى، بشير صالح، والخليفى، إبراهيم محمد (2008). سيكولوجية الأسرة والوالدية، الكويت: إنجاز العالمية للنشر والتوزيع.
السميحين، فادية عايد عقله (2019). الطلاق العاطفى وعلاقته بمستوى استخدام شبكات التواصل الاجتماعى لدى عينة من النساء المتزوجات.  مجلة دراسات العلوم التربوية، 46(2)، 535-549.
الشواشرة، عمر، وعبد الرحمن، هبة (2018). الانفصال العاطفى وعلاقته بالأفكار اللاعقلانية لدى المتزوجين. المجلة الأردنية فى العلوم التربوية، 14(3)، 301-313.
عبد المجيد، رانيا مرتضى محمد (2006). الطلاق العاطفى كما يدركه الأبناء فى مرحلة الطفولة المتأخرة وعلاقته بالعدوانية. رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة عين شمس: معهد دراسات الطفولة.
العبيدى، عفراء إبراهيم خليل (2015). الطلاق العاطفى فى ضوء بعض المتغيرات لدى الطلبة المتزوجين فى جامعة بغداد. مجلة الدراسات والبحوث الاجتماعية، جامعة الشهيد حمة لخضر - الوادى، 13/14، 23-40.
العراقى، بثينة السيد (2006). حياة زوجية بلا مشاكل، ط٥، الرياض: دار طويق للنشر.
الفتلاوى، على شاكر، وجبار، وفاء كاظم (2012). الطلاق العاطفى وعلاقته بأساليب الحياة لدى المتزوجين فى دوائر الدولة. مجلة القادسية للعلوم الإنسانية، 15(1)، 211-260.
هادى، أنوار (2012). أسباب الطلاق العاطفى لدى الأسر العراقية وفق بعض المتغيرات، مجلة الأستاذ، 201، 435-462.
Akbar, T.; Hossein, V. & Hengameh, M. (2014). Evaluation affecting factors of emotional divorce (Case study: The perspective of higher educationmarried staffs in Karaj Province in 2014).MAGNTResearch Report, 3 (3), 459-467.
Amiri, S.R.S., Hekmatpour, M., Fadaei, M. (2015). Investigating Emotional Divorce on Family Performance. Journal of Applied Environmental and Biological Sciences. 5(11S)782-786.
Gottman, J.(1999). The seven principles for makingmarriage work .New York : Three River Press.
Sadeghi, A. & Babaeei, M. (2012). Investigating the relation between emotional divorce and marital satisfaction, in teachers at city of Rash, Iran. International Journal of Current Research, 7(12), 24569-24575

المزيد من الدراسات