الرئيسيةأعداد المجلة تفاصيل الدراسة

النظرية التربوية وتأصيلها التربوى لدى مفكرى التربية المعاصرين "دراسة تحليلية نقدية"

مقدمة البحث
تناولت العديد من الدراسات مفاهيم النظرية التربوية على أنها الأسس والمقولات الفلسفية التى يمكن غرسها فى منظومة التربية. على اعتبار أن الأخيرة كيان شامل ومتكامل يحث على ضرورة اتباع القواعد الأصيلة والأسس، ودراسة تاريخ الأمم والشعوب، واستقاء العبر والدلائل العلمية التى تحفز النشء على احترام القواعد والأسس والرجوع إلى أصل ومكنون الشىء.
وعلى الرغم من أن العديد من الدراسات التربوية ركزت على أهمية وجود نظرية للتربية، إلا أن واقع الحال يشير إلى قلة النظريات فى مجال التربية، وليس التنظير فحسب بل وجود نظرية يستقى منها الحقل التربوى مبادءه وتوجهاته الآنية والمستقبلية.
وقد أشار المفكر التربوى "سعيد إسماعيل على" فى أكثر من موضع فى كتاباته إلى أهمية وجود نظرية فى الحقل التربوى  مكتملة البنى والأركان، وتؤسس لممارسات تربوية جديرة بتاريخ وبنى المجتمعات والشعوب العربية. ويرى أن النظرية ذات سياقات متعددة وتشير إلى جملة من المعانى، وأن صحة استخدامها فى سياق لا يختلف عن صحة استخدامها فى سياق آخر. (على، سعيد، 1997، 132: 137). كما أكدت "لين أولسون" المفكرة التربوية بالولايات المتحدة الأمريكية على أن غياب معايير واضحة للتعليم هو ما يحدث التدهور فى نسق وبنية التعليم، ولذلك فإنه من الأهمية بمكان وجود فلسفة محددة لشكل ونمط التعليم، وإدراك العائد والفوائد والقيمة المضافة من التعليم. (أولسون، 2000، 103).
لهذا فإن البحث الحالى معنى بتأصيل النظرية التربوية لدى مفكرى التربية المعاصرين لمحاولة الوصول إلى نظرة عامة للتربية من خلال تلك النظريات التربوية، مع الاستناد إلى فكرة أن النظرية التربوية متعددة الزوايا والسياقات من حيث البناء الفكرى والتطبيقى وفقاً لظروف البيئة التربوية الحاضنة للنظرية.
ومن ثم ما أهمية وجود نظرية تربوية داخل الكيان الجامعى؟ وما القيمة المضافة من وراء تدشين نظرية تربوية؟
أهمية وجود نظرية تربوية
أ- الأهمية العلمية
  • تحقيق مصداقية الأفكار والرؤى التربوية.
  • إمكان بناء دلائل وبراهين على مصداقية الأفكار التربوية.
  • تحليل بنية النظرية العلمية.
  • وضع إطار للنظرية التربوية يستند إلى معايير علمية.
ب- الأهمية الفلسفية
  • تحليل بنية النظرية العلمية.
  • نقد النظريات العلمية التى لم تستند إلى أدلة منطقية.
  • تحقيق التناسق والاتساق الفكرى بين النظريات التربوية.
  • الاستناد إلى فلسفات تربوية أصيلة لبناء النظرية التربوية.
  • دراسة مناهج البحث المتنوعة لكيفية البحث فى المشكلات والقضايا التربوية.
ج- الأهمية التربوية
  • تأسيس خريطة مفاهيم للمصطلحات التربوية.
  • تأسيس جماعات تربوية ذات نظريات تربوية أصيلة.
  • التركيز على البنية المجتمعية ومشكلات المجتمع عند بناء النظريات التربوية.
  • الوصول بمجال التربية إلى أن يصبح مجالاً خبروياً يستند إليه صانعو ومنفذو القرارات.
د- القيمة المضافة من وراء تدشين نظرية تربوية.
  • التكامل بين النظريات التربوية لخدمة مجالات التنمية المتعددة.
  • التواصل مع صانعى السياسات التعليمية لوضع آليات لتفعيل النظريات التربوية.
  • إطلاق مؤسسات تربوية تستند إلى أسس ومرتكزات وأطر فكرية.
  • التجديد التربوى المستمر للنظريات التربوية وفقاً لمستجدات العصر.
  • التنظير الفلسفى الأصيل للنظرية التربوية.
  • وجود أطلس وخرائط مفاهيمية واضحة للميدان التربوى.
  • وجود مناهج بحثية متعمقة فى ميدان التربية تخدم التنمية المجتمعية.
 
يقسم  البحث الحالى إلى ثلاثة أقسام رئيسة   
القسم الأول: بناء مفاهيمى للنظرية التربوية ودراسات مرتبطة ومنهجية بحثية. 
القسم الثانى: ماهية التأصيل الفلسفى للنظرية التربوية لدى مفكرى التربية المعاصرين.
القسم الثالث: إمكانية توظيف النظرية التربوية داخل منظومة الجامعة.
القسم الأول: بناء مفاهيمى للنظرية التربوية ومنهجية بحثية، ودراسات مرتبطة:
مفهوم النظرية:
يعرفها قاموس أوكسفورد فى علم الاجتماع "بأنها العملية التى ترمى إلى دراسة ما وراء العالم، والتى تستهدف مالانراه وما لا نقيسه. فتتضمن بناء العلاقات والروابط بين المفاهيم التى تدل على طريقة فهمنا للظواهر بشكل منظومى"  (Scott2009, PP760: 761).
كما يعرف المعجم الفلسفى الصادر عن مجمع اللغة العربية "النظرية" بردها إلى أصلها اللغوى من الفغل الثلاثى (نظر) بمعنى نشاط ذهنى هدفه العلم والمعرفة يقابل العمل. ويعرف "الجرجانى"  "النظرى" بأنه الذى يتوقف حصوله على نظر كتصور النفس والعقل، والتصديق على أن العالم حادث. والنظرية وفقاً للمعجم الفلسفى المشار إليه " يوضح الأشياء والظواهر توضيحاً لا يعول على الواقع". ومن ثم فإن النظرية هى ما يقابل الواقع أو التطبيقى. (مجمع اللغة العربية، 1983، 201-202)
وترى الباحثة أن النظرية  هى " الإطار الفكرى والأيديولوجى الذى يحكم العلم وتطبيقاته المتنوعة ، ولا يمكن التغاضى عنه فى بناء المجتمع العلمى والجماعة العلمية، وعند التأصيل للأفكار الإبداعية المتنوعة للمفكرين والعلماء والثقات والساسة ورجال الدين ومتخذى القرار".
النظرية التربوية:
يرى "سعيد إسماعيل على" أن النظرية التربوية تعكس فكرًا تربويًا يحمل بدوره سياقاً مجتمعياً لا يمكن إنكاره (على، 1990، 9). ومن ثم فإن فكرة فصل النظرية التربوية عن السياق المجتمعى أمر مُحال، فلا مجال للتنظير التربوى بلا ماهيات وماصدقات وحيثيات يدركها العقل من خلال الظواهر المعايشة.
أى أن النظرية التربوية تنطلق من الواقع، وتوصفه، وتعمل على تغييره إلى الأفضل، كما توجه النظرية التربوية البحوث الإمبريقية والتطبيقية وفقًا للمعايير والقواعد التى تضعها للاسترشاد بها (Council of Norway, 9). وعلى هذا الأساس جاءت النظريات التربوية "لبياجيه" فى علم النفس و"كولبرج" و"جاردنر" و"ستانفورد" و"جون ديوى" و"كانط" و"هيجل" و"بول ريكور"، و"تولستوى"، و"باولو فريرى"، ومفكرين من مثل حسان محمد حسان، زكى نجيب محمود، سعيد إسماعيل، مراد وهبة، محمود أمين العالم، عزت قرنى، محمد عابد الجابرى، جابر عصفور ... وغيرهم من مُنظرى التربية القدامى والمعاصرين.
ومن هنا يمكن تعريف النظرية التربوية بأنها "الأسس الفكرية والفلسفية التى يستند إليها الفكر التربوى، ويبنى من خلاله التطبيقات التربوية التى يستفيد منها المجتمع التربوى بشكل خاص والمجتمع بصفة عامة".
فلسفة التربية
يعرف "روبرت بول وولف" الفلسفة بأنها "السمة العقلية التى يمتاز بها كل صاحب نظرة وتفكير متعمق ويريد أن يسلك طريق الحكمة" (Wolff, 1986, 6)
وقد عرفها فيثاغورث بأنها حُب أو محبة الحكمة، أى القدرة على التعقل والتساؤل وإعمال الذهن، وتحليل متعمق لما وراء الطبيعة، والسؤال الفلسفى عن الوجود والأخلاق والجمال هو ما يشكل مباحث الفلسفة الرئيسة.
أما عن التفكير الفلسفى فإنه تلك العملية الذهنية التى تستهدف إعمال العقل من أجل البحث فى جوهر القضايا الطبيعية والمشكلات الواقعية من خلال استخدام التأمل والتفكير الماورائى (الميتافيزيقى) للوصول إلى العلل البعيدة مدعمة بالأدلة والبراهين. (هورنر، 2011، 10، 11).
ومن ثم أهم تساؤل لعملية التفكير الفلسفى هو: ما هى الطبيعة الجوهرية للواقع؟ وهناك أفعال مثل الدهشة والتساؤل والتأمل والتفكير العميق، وهى كلها دليل على التفلسف. ويرى "جوزيف بوخينسكى" أن المشتغلين بالفلسفة ليسوا بحاجة إلى الدفاع عن الفلسفة، لأن الفلسفة قوامها التفكير، والإنسان كى يتسم بصفة الإنسانية من الضرورى أن يعمل عقله ويفكر، لأن هذه هى مهمته الأساسية فى الكون من أجل إعمار الأرض (بوخنيسكى، 1996، 18).
ومن ثم فإن التفكير الفلسفى مقوم أساس للوجود الإنسانى والتقدم العلمى والتنموى للفرد والمجتمع.
وتشير فلسفة التربية إلى مدى إحداث التناغم والانسجام والانصهار بين التربية كمجال تطبيقى يهتم بعمليات التنشئة الاجتماعية للأبناء والأفراد داخل أى مجتمع، وبين الفلسفة كركيزة للبناء العقلى والتفكير المنطقى المدعم بالأدلة، والتحليل النقدى لمجمل الوقائع والأمور الكونية وغير الكونية.
وإذا كانت الفلسفة تركز على التفكير وإعمال العقل، فإن فلسفة التربية تركز بشكل أكبر على الطريقة التى يتم بها إعمال العقل بحيث يعطى نظرة كلية وصورة شاملة عما يدور حولنا وكيفية تغيير عمليات التربية لتصبح عمليات لها مردود وقيمة على المجتمع والإنسان. (Moore 2010, 1)، ومن ثم فإن التربية تحتاج إلى تلك النظرة الشاملة المنظومية من حيث التحليل والنقد والفهم والتركيب وإعادة البناء للمفاهيم والمقولات التربوية التى هى من أهم وظائف الفلسفة والتنظير الفلسفى.
منهجية البحث
يستخدم البحث الحالى أسلوب التحليل الفلسفى لدراسة أهم النظريات التربوية فى الفكر التربوى المعاصر، وأسلوب التحليل النقدى من أجل تحليل تلك النظريات واستخلاص أهم التطبيقات التربوية والفائدة التربوية من تلك النظريات وانعكاساتها على منظومة الجامعة.
ويعتبر أسلوب التحليل الفلسفى من أهم المناهج الكيفية التى يستعين بها الفلاسفة من أجل الكشف عن الأسباب والعلل البعيدة للقضايا المطروحة، وذلك من خلال النقد وإبراز نقاط القوة ونقاط الخلل بالقضية المدروسة وإثبات صحة التحليل بالأدلة المنطقية (MASON, 2005, 147).
وقد اهتم "كارل بوبر" فى كتاباته بأهمية التحليل النقدى وتحليل الفكر الفلسفى قبل البدء بالتسليم بالأفكار، وأكد على أهمية قابلية التحقق من النظرية من خلال القابلية للفحص. (بوبر 2007، 109: 112)
تساؤلات البحث
  • ما الإطار المفاهيمى والمنهجى للنظرية التربوية؟
  • ما ماهية التأصيل الفلسفى للنظرية التربوية لدى مفكرى التربية المعاصرين؟
  • إلى أى مدى يمكن توظيف النظرية التربوية داخل منظومة الجامعة؟
دراسات مرتبطة
قدمت دراسة "هانى عبد الستار فرج" النظرية والممارسة فى ميدان التربية، دراسة فلسفية" تحليلاً فلسفيًا متعمقًا لدراسة النظرية وأهميتها بالنسبة للتربية، وبحث فى الجدل الدائر حول فكرة وجود نظرية للتربية أو نفى وجود نظرية والارتكان إلى الممارسات فقط، واتباع النظريات الفلسفية والاجتماعية والنفسية عند التنظير للتربية. إلا أن الدراسة تؤكد على أنه لا يمكن أن يكون ثمة فعل حقيقى وممارسة تربوية بلا نظرية تربوية  يرتكن إليها هذا الفعل أو تلك الممارسة . وتربط الدراسة النظرية بالسياق وتحليلاته المتنوعة وضرورة الوصول إلى رؤية مفاهيمية تستوعب كافة أبعاد السياق الذى تبزغ فيه النظرية ، كما أوضحت الدراسة أن من ينكر وجود نظرية تربوية تكون النظرية مستدمجة بداخله أثناء ممارساته الذكية. (فرج، 1993، 95: 130).
ولعل هناك محاولات جادة فى ترسيخ نظرية تربوية خاصة فى مجال التربية الإسلامية مثل دراسة "سعيد إسماعيل على" اجتماعية التربية رؤية حتمية لبناء نظرية تربوية إسلامية"، وقد أكدت الدراسة على أن تربية الإنسان تحتم وجود نظرية لأن التربية ليست من صنع الطبيعة وحدها، وإنما بحاجة إلى وجود نسق فكرى وتفكير فلسفى ينبثق من رؤية تربوية. وأكدت الدراسة أن التعاليم الإسلامية تحتم ضرورة الأخذ بتغير الزمان والمكان عند التأصيل للنظرية التربوية (على 1990، 13: 17). وهذا يؤكد ما أثبتته الدراسة السابقة من أهمية دراسة السياق بكافة زواياه وأبعاده عند محاولة إرساء نظرية تربوية. وأكدت دراسة "بن شاكر" بعنوان "تأصيل الرؤية فى النظرية التربوية رؤية إسلامية" أن النظرية التربوية لها رؤية منبعها النهج الربانى، وتستقى معالمها ومصادرها من القرآن الكريم والسنة النبوية، لذلك فهى تتسم بالبساطة والوضوح وتعاليم النظرية التربوية محددة وبعيدة عن التعقيد والمبالغة أو الإسراف. ورأت الدراسة أن النظرية التربوية لها سياق تاريخى واجتماعى ينظر إليه من خلال أفكار وأطروحات علماء المسلمين مثل بن خلدون، والغزالى، وابن تيمية، وابن قيم الجوزية، وابن سينا، ...
كما رأت الدراسة أن كل عمل بحثى ومعطياته يفيد النظرية التربوية، ولا يتعارض مع تعاليم الرؤية الإسلامية يكون له التأييد لما يضيفه للميدان التربوى من أفكار ورؤى تربوية. (بن شاكر، 2008، 280: 316) . ورأى "ماجد عرسان الكيلانى" فى مؤلفه عن "تطور مفهوم النظرية التربوية الإسلامية" أن مفهوم النظرية التربوية يختلف من حضارة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر، ومن عصر إلى عصر، فالنظرية التربوية فى العصور الوسطى المسيحية هدفها تعميق فكرة الخلاص والنجاة من شرور الدنيا، وفى عصر النهضة الأوربية كانت ترمى إلى إعداد الفرد للحياة والاهتمام ببناء الإنسان من كافة الجوانب البدنية والذهنية. أما فى العصور الإسلامية فالهدف هو دراسة شاملة وكلية للموجود الإنسانى وعلاقته بالخالق وكيفية استثماره للطبيعة والكون وإعمار الأرض، وذلك وفقًا للرؤية الشاملة للنهج الإسلامى التربوى . (الكيلانى، 1985، 19، 20).
وقد تطرق علماء المناهج إلى دراسة النظرية من منظور منهجى فقد رأى "فتحى يونس" فى دراسة له بعنوان "البحث عن نظرية عربية فى المنهج" ضرورة وجود نظرية للمناهج فى البلدان العربية، ورأى أهمية الدراسة الوافية والتأنى حيث لابد من التساؤل حول فكرة وجود نظرية وما الفلسفة التى توجه بناء المنهج فى البلاد العربية؟ وما النظرية التى تقود العمل التربوى سواء على المستوى النظرى أو على المستوى الميدانى؟ ورأى أن تناول موضوع النظرية التربوية للمنهج فى البلاد العربية استكشاف فى أرض مجهولة وبحاجة إلى جهد وفير كى تتضح المعالم وتتحدد الرؤى، ويعرف يونس  النظرية بأنها "أسلوب لتجميع التصحيحات التى توصل إليها المفكر، وتفسيرها ونقدها" (يونس، 1992، 22: 25).
ويرى "محمود أبو زيد"  فى دراسة له بعنوان "هل نحن فى حاجة إلى نظرية تربوية؟" أن الباحث ليس بحاجة إلى نظرية لكى يدرس بشكل جيد، وإنما يكون السؤال عن النظرية التى يتبعها بوعى أو بدون وعى. فلا توجد ممارسات جيدة إلا من خلال نظريات جيدة نتبعها بوعى أو بدون وعى. (أبوزيد، 1992، 12: 16). كما ترى دراسة "حسنين عبد المنعم" بعنوان "الحاجة لبناء نظرية عربية للتدريس" أن النظرية التربوية توفر إطارًا تصوريًا يسهم بدوره فى تناول الواقع بالوصف والتحليل والتفسير، وتسهم فى نمو البحث العلمى التربوى فى مجال التدريس، وبالتالى من الصعوبة استيراد نظريات تربوية شرقية أو غربية بعيدة عن الحقائق الإمبريقية المستندة إلى الواقع الفعلى. (حسنين، 1997، 140: 151). 
وقد بينت بعض الدراسات الأجنبية أهمية وجود نظرية من أجل الوصول إلى أفضل الممارسات ففى دراسة  2017 بعنوان "مدى فهم الطالب المعلم لدور النظرية فى  ممارساته" Kwando فقد حرصت دراسة على أهمية التجانس بين النظرية والممارسة وخاصة عند إجراء البحوث الكيفية والتى ترتبط بالتعامل مع المجموعات النقاشية والإنتاجية، وقد طبق "كواندو" و"موستو" ذلك على عينة من المجموعات البؤرية والتى تتكون من الطلاب المعلمين (الدارسين فى كلية التربية ليصبحوا معلمين) بسؤالهم: ما أهمية النظرية فى ممارساتكم التربوية؟ فكانت معظم استجابات المجموعات عبارة عن مجموعة من المعلومات حول موضوعاتهم الدراسية دون الإشارة إلى أدوات أو إستراتيجيات للتعلم والتدريس. الأمر الذى يدل على سوء فهم لمعنى النظرية وأهميتها فى ترسيخ الأدوات والإستراتيجيات اللازمة للتعامل مع المتعلمين داخل الفصل. كما أوضحت مجموعة أخرى من الطلاب المعلمين أن معظم الميسيرين أو الأساتذة الذين يدرسون لهم لا يهتمون بالنظرية، ويرون أنها غير مفيدة من الناحية العملية وأن الأهم هو الإستراتيجيات اللازمة للتعلم، الأمر الذى يفسر غياب النظرة الشاملة والرؤية التحليلية والنقدية للنظرية، ودورها فى اكتشاف ما وراء الأسباب والتحليل المابعدى والإبتكارى وماوراء المعرفة (Kwanda, 2017, 140: 158).
وفى دراسة "شينج" بعنوان "ربط النظرية بالممارسة: مدخل تربوى دراسة حالة على المعلمين"، تم اختيار ثلاثة من المعلمين قبل الخدمة أثناء إعدادهم ليكونوا معلمين، وتم اختبارهم من خلال استخدام اسلوب تحليل المحتوى لما درسوه، ومقياس ليكرت للاتجاهات، وكتابة التقرير عن الحالات الثلاثة من حيث المحتوى التعليمى والدافعية والقيمة المضافة من التعلم. وقد توصلت الدراسة إلى أهمية عرض دراسات الحالة كمدخل للتعلم وتطبيق المهارات المتنوعة مثل التفكير الناقد والتحليل، والتخيل والفهم. وأكدت الدراسة أن معظم الدراسات الإمبريقية أكدت أهمية دراسة الحالات فى مجالات الطب والتعليم والقانون والتعليم الإلكترونى. كما أكدت الدراسة على أهمية الحكى القصصى، وعرض النماذج الإيجابية والسيئة للاستفادة وتحسين الأداء. وهذا ما يربط خبرة التعلم السابقة بالحياة الواقعية. (Ching, 2014, 280 :288).
            وفى دراسة "ليشوكفسكا" و"سيفا" بعنوان "النظرية التربوية لجون ديوى وتداعياتها على نظرية "هاورد جاردنر" عن الذكاءات المتعددة"  أكدت الدراسة أن كلتا النظريتين متشابهتين وكلاً منهما تكمل الأخرى، فإذا كان "ديوى" قد ركز على الخبرة المتعلمة للطفل، فقد أكد "جاردنر" على أهمية الخبرة المجتمعية ودراسة كافة الظروف المجتمعية المحيطة بالطفل، وكلاهما أكدا على أهمية التعلم من خلال الحياة، ومن خلال التعلم بالممارسة. كما أكد "جاردنر" أن المتعلم يتعلم من خلال ما يمتلكه من قدرات متنوعة لا من قدرة التحصيل الدراسى أو العلمى وإنما يتعلم بما لديه من مواهب وإبداعات لم تكتشف بعد من قبل القائمين على التعلم، وهذا هو دورهم الحقيقى بدلاً من التركيز على جانب واحد فقط وهو الجانب المعرفى. كما أكد جون ديوى على أن الدور الحقيقى للمعلم هو التفسير والإرشاد، وهاتين المهمتان يظهران فى ممارسات المتعلمين المتنوعة، وهذا ما دعمه جاردنر فى أهمية توظيف المعلم لكافة مهارات، وأن يستخرج الذكاءات المتنوعة من المتعلمين بطريقة التعلم من خلال الممارسة.Learning by Doing  (Leshkovska, 2016, 57: 66).
القسم الثانى: ماهية التأصيل الفلسفى للنظرية التربوية لدى مفكرى التربية المعاصرين 
إن السؤال الذى يهمنا هنا هو: لماذا التأصيل الفلسفى للنظرية التربوية؟ 
تستند العقلانية العلمية والتربوية إلى فكر فلسفى وتنظير فكرى أو ركائز وأسس ميتامعرفية لا يمكن التغاضى عنها. ومن ثم فالتأصيل الفلسفى لأى علم لاسيما النظرية التربوية أمر لا غنى عنه فى الحقبة المعاصرة لما أكدته جل الدراسات على أهمية الربط بين الفلسفة والتربية. وهذا ما تؤكده عمق التحليلات الفلسفية للنظريات التربوية المعاصرة.
وفى هذا القسم يتم تناول الفكر الفلسفى التربوى المعاصر وما يحمله من نظريات تربوية معاصرة. وقد انقسمت النظريات التربوية المعاصرة  فى التأصيل إلى خمسة اتجاهات:
الاتجاه  الأول: النظرية التربوية الأبدية (Perennialism)
الاتجاه الثانى: النظرية التربوية الأصولية/ الجوهرية (Essentialism)
الاتجاه الثالث: النظرية التربوية التقدمية (Progressivism)
الاتجاه الرابع: النظرية التربوية النقدية (Critical)
الاتجاه الخامس: النظرية التربوية العلمية (Scientific)
أولاً النظرية التربوية الأبدية ((Perennialism
تقوم فلسفة تلك النظرية على أن وظيفة التربية لا تتغير من عصر لعصر أو من مكان لآخر، وإنما لها وظيفة دائمة محددة ومعروفة وهى إعداد وتهذيب النشء. ومن ثم لا يجوز تغيير تلك الوظيفة مع مرور الزمن وإنما هى ثابتة نسبيًا، كما أن الإنسان هو الإنسان فى كل عصر وكل مكان ووظيفته محددة ولا تختلف باختلاف الأفراد أو الشعوب أو العصور (Hutchins, 1953, 68).
وقد تزعم تلك الأفكار الكلاسيكية عن النظرية التربوية الأبدية هاتشينز وأدلر وليفنجستون Robert Maynard Hutchins, Mortimer J. Adler, and Sir Richard Livingstone. ويرى بعض الفلاسفة أن أفكار تلك المدرسة الفكرية تعود جذورها إلى الواقعية الكلاسيكية لأرسطو والقديس توما الإكوينى Aristotle and Aquinas ، وما يُعاب على تلك النظرية التربوية هو طابعها الأرستوقراطى الكلاسيكى دون مراعاة لأنماط العقول المختلفة للمتعلمين ولتغير الأحوال الاجتماعية والسياسية والاقتصادية عبر الزمن ومن ثم تغير النظرة التربوية وطرائق التعلم بالمثل (Kneller, 1964, 42: 43).
وقد اعتمد الأبديون على الحدس والحقيقة فى التعليم والبحث عن جوهر الحقيقة والتمسك بها أبد الحياة. كما أن الحياة الأخلاقية والسلوك الأخلاقى مرتبط بالعقل وعقلانية الإنسان.
والنظرية التربوية الأبدية تقوم على المنطلقات التالية (Bansal, 2015, 57: 92):  
  • التربية لا تختلف من عصر إلى عصر لأن الطبيعة الإنسانية لا تختلف.
  • على المعلمين أن يربوا المتعلمين على مبادئ ثابتة لا تتغير.
  • فهم الحضارة الغربية واستيعاب الأفكار العظيمة  هو مهمة الطلاب العقلاء.
  • الأفكار والمبادئ التربوية العظمى تسهم فى حل المشكلات فى أى عصر.
  • التعليم ليس هدفه حل مشكلات آنية، أو التفكير فى قضايا العصر وإنما هدفه هو التغيير والإصلاح المجتمعى على المدى البعيد.
  • يبحث المتعلمون عن المعرفة والحقيقة طوال سنوات الدراسة محكومين بمبادئهم الأخلاقية التى يحكمها العقل.
  • وظيفة التربية تعليم الأطفال كيف يسلكون على نحو عقلانى لأنهم محاطون بسياق من العقلانية متمثلاً فى الكبار من حولهم.
  • المعلم هو مركز عملية التعلم وهو المنوط بإعطاء التوجيهات اللازمة للمتعلمين.
  • المحتوى هو الأساس للتعلم والموضوع المطروح هو القابل فقط للنقاش فيه.
  • المتعلمون ليس لديهم وقت للأهواء الشخصية وإنما عليهم باستمرار أن يُعملوا عقولهم ويتصرفوا بعقلانية.
  • يتطلب التعليم مجهوداً كبيراً وصعباً من المتعلمين والمعلمين.
  • المعلم وظيفته توضيح المفاهيم الأساسية للعلم وربطها بموضوعات الدراسة كى تصبح ذات معنى.
  • تشجيع المتعلمين أمر مرغوب فيه ولكنه إذا لم يكن ثمة تشجيع من المعلمين فعلى المتعلمين الاستمرار فى أداء مهامهم.
  • ينصح دعاة التربية الأبدية بتعليم الكتب العظمى التى لا تنتهى تعاليمها مع مرور الزمن لأن إمكانية تطبيقها فى الحياة العامة أكبر من الكتب العادية والتى تتطرق لموضوعات تنتهى أو قصيرة الأجل.
  • تعتمد طرائق وإستراتيجيات التدريس والتعلم على التفكير العقلانى، ودور المتعلمين هو البحث عن الحقيقة والمعرفة باستمرار من خلال المعلم الذى يسعى لحل المشكلات التى يواجهونها.
ومن ثم فإن دعاة النظرية التربوية الأبدية تنبع من كلٍ من الواقعية والمثالية. والمزج بينهما من أجل البحث عن الحقيقة والمعرفة.
ثانيًا: النظرية التربوية الأصولية/ الجوهرية (Essentialism)
تتشابه النظرية الأصولية/ الجوهرية فى التربية مع النظرية الأبدية فى بعض المناطق والتى من أهمها تأصيل معرفة أساسية تعمق الإتجاه المنظومى فى تعليم الطلاب، وأن ثمة أساسيات للمعرفة ومفاهيم يجب أن يستوعبها المتعلمون فى حياتهم العلمية والأخلاقية والتربوية. إلا أن الفلسفة الأصولية/ الجوهرية فى التربية ترى أن تلك المعرفة تتغير وتتطور للأفضل، وأن عملية التعلم تفضل التطبيقات العملية وإكساب المتعلمين المهارات الحياتية اللازمة، وإعداد الأفراد إلى أن يكونوا أعضاء فعالين داخل المجتمع. وقد برزت الفلسفة الأصولية/ الجوهرية فى التربية منذ عام 1950 حتى عام 1980. وقد فهمت على أنها مزج بين المثالية والواقعية. ويعد وليام باجلى الأب الروحى للأصولية William Chandler Bagley. (Crittenden, 2010, 3: 10)، وتقوم النظرية التربوية الجوهرية على المبادئ التالية: (Link, 2008, 1: 7).
  • من الضرورى أن يتعلم الطلاب شيئًا ما بالإضافة إلى عملية التفكير.
  • يجب على المتعلمين تعلم المعرفة الماضية والتاريخية لأنه بدون تعلمها سيكون مستقبل الديمقراطية فى خطر.
  • يجب أن تشجع التربية على تعليم الديمقراطية أكثر من التركيز على الفردانية والنمو الذاتى.
  • من الضرورى اتباع نظام صارم للتعلم يقوم على مناهج قوية وأساسية من تعاليم الماضى للتعامل مع الحاضر.
  • التدريب المستمر وتعلم مهارات عقلية يسهم فى حل المشكلات والقدرة على تحمل المصاعب.
  • دور التعليم هو الحفاظ على التراث والوطنى والقيم الوطنية مثل المثابرة والإخلاص والمواطنة واحترام السلطة، والالتزام بالواجب، والأداء العملى المشرف من أجل تدشين مجتمع ديمقراطى.
  • المعلمون نماذج وقدوة للمتعلمين فى التربية الأصولية، ودورهم تعليم المناهج الأصيلة والمبنية على التراث وحشد قدراتهم وطاقاتهم للعمل وفقاً لها.
  • دور التربية هو توظيف مهارات المتعلمين فى عالم حقيقى وواقعى وليس مثاليًا بناء على قواعد أخلاقية صارمة وطرق للتعليم صارمة ولا تهاون فيها.
وتعد النظرية التربوية الأصولية من هذا المنطلق أكثر وضوحاً من النظرية التربوية الأبدية، إذ أنها على الرغم من أن الأصولية تشجع على الحفاظ على الأصالة والتراث إلا إنها تؤكد أن بقاء المجتمع يكون فى التطوير المبنى على معايير أخلاقية صارمة وممارسات عملية تؤسس لمجتمع ديمقراطى.
ثالثًا: النظرية التربوية التقدمية (Progressivism)
يعد "جون ديوى"John Dewy  رائد النظرية التقدمية فى التربية منذ منتصف عام 1920 واستمرت حتى منتصف عام 1950. وفى نظر التقدميين فإن الطفل هو مصدر التعلم والعملية التعليمية برمتها وليس المحتوى أو المعلم. فالطفل يتعلم من خلال الخبرة وحل المشكلات، والمهارات التى يكتسبها تنبع من مجمل الخبرات التعليمية التى مر بها. ومن ثم فالطفل هو الفاعل والنشط والحيوى داخل العملية التعليمية وليس المعلم. ونبعت النظرية التقدمية فى التربية من الفلسفة النفعية أو البرجماتية ل"جون ديوى" ووليم جيمس (RADU, 2011, 86: 89). كما رفض "ديوى" فكرة أن الحقيقة الواقعية وطرق اكتساب المعرفة مطلقة وذات أصول إلهية، وإنما هى تقوم على الخبرة الحقيقية للفرد، ودورها فى تشكيل مستقبله.
ومن أهم المبادئ التى تنطلق منها النظرية التقدمية: 2001, 87)  (Winitzk,
  • التعلم القائم على حل المشكلات هو أساس اكتساب الخبرات الحقيقية.
  • الإصلاح التربوى يبدأ مع المتعلم وليس من خلال المنهج أو المعلم.
  • التجربة والمحاولة والخطأ أساس عملية التعلم واكتساب الخبرات والمهارات.
  • المتعلم هو محور العملية التعليمية وقدراته تحدد نوع وطريقة التعليم التى يحصل عليها.
  • هدف التربية التقدمية هو إعداد الأطفال للحياة للعيش داخل المجتمع.
  • طرق اكتساب المعرفة متنوعة ومتجددة وليست ثابتة مع تجدد العالم واحتياجات البشر.
  • المتعلمون عليهم البحث عن المعرفة واكتشافها باستمرار فى تعلم مستمر.
  • المواقف المربية الاجتماعية والأنشطة المتنوعة للطلاب ركيزة التعلم الحقيقى.
  • المتعلمون ليسوا كائنات صماء لا تنفعل ولا يمكن صب المعلومات والمعارف عن طريق المعلم أو الكتب فقط وإنما من خلال الواقع والخبرة والتجربة العملية.
  • من الضرورى مراعاة اهتمامات الأطفال وميولهم المتنوعة.
  • أفضل طريقة للتعلم هى التعلم التعاونى من خلال العمل الجماعى وحل المشكلات.
  • المتعلمون هم الذين يحلون المشكلات بأنفسهم ووظيفة المعلم هى التيسير والإرشاد والتوجيه.
  • من المفضل أن يعد المعلمون مخزونًا للخبرات والأنشطة التى يتعلمها الدارسين من خلال المواقف المربية الفعلية.
  • دور المعلم هو اكتشاف اهتمامات وميول الطلاب والسعى وراءها وتوفير المناخ لهم للإبداع واستخراج طاقاتهم المتنوعة.
ومن ثم فإن التقدمية جاءت كرد فعل قوى على النظرية التربوية الأبدية ومؤيديها، واستندت فى تدعيم وجهة نظرها من فكرة التعلم والخبرة الواقعية والعملية كما فعل جان جاك روسو فى تدعيم نظريته التربوية.
رابعًا: النظرية التربوية النقدية (Critical)
تستند فلسفة النظرية النقدية على فكرة ممارسة عملية التفكير. وقد عرف الإنسان عملية التفكير منذ بدأت الخليقة، وقد عبر عن التفكير والتفكر والتعقل والعقلانية فلاسفة غربين وشرقين من مثل "أفلاطون" و"أرسطو" و"هيجل"، و"كانط"،  و"كارل بوبر"، و"برتراند رسل"، "ابن رشد"، ... ولم تكن ممارسة فعل التفكير قاصرًا على الفلاسفة وحدهم بل مفكرين وعلماء اجتماع وعلماء فى مجالات الطب والعلوم والفلك والفيزياء مثل "نيوتين" و"آينشتين" و"مجدى يعقوب" و"أحمد زويل"، و"إدوارد دى بونو"، و"تونى بوزان"، و"جون كوتر"، و"دانيال كانمان"، و"ستيفين كوفى"  ........ ويرى "آلك فيشر" فى "كتابه مهارات التفكير الناقد" أن التفكير الناقد يعد كفاءة أساسية مثل كفاءة القراءة والكتابة، ويجب تعلمها دومًا. ورأى أن التفكير الناقد ينمى لدى المتعلمين ما أسماه سقراط بـ "الحياة المُتفحصة". كما يعرف التفكير الناقد بملكة التساؤل المستمر واستخدام كافة أنماط الأسئلة هل ولماذا وكيف ومتى وأين وماذا .... وذلك من أجل التحليل والفحص والكشف عن المزايا والعيوب والإيجابيات والسلبيات. وتعود جذور التفكير الناقد إلى الحوارات السقراطية، والأفلاطونية، وفى العصر الحديث إلى "جون ديوى" الذى أكد على أنه بداية للتفكير الإبداعى . (فيشر، 2009، 11: 15).
وقد بينت دراسة "يزن السعادنة" من الأردن، أهمية تدريب الطلاب على  التفكير الناقد والتعلم بالاستقصاء عند تدريس العلوم والرياضيات، حيث وجد أن الكثير من الطلاب لديهم مشكلة فى طرح الأسئلة وحل المشكلات، والتوصل إلى نتائج مُرضية وابداعية. ومن ثم فقام الباحث بتطبيق نموذج الاستقصاء "لسكمان" النموذج المعرفى الشامل. وتقوم فكرة النموذج على عملية إعادة التوازن بعد التوتر الذى يجده الطلاب عند وجود أحداث متضاربة ومتناقضة بحاجة إلى تفسير وإيجاد أدلة وبراهين. وبالتالى يحدث تشتيت مؤقت وإيجابى للمتعلم من خلال التشكيك فى بنيته المعرفية، ليبحث عن منظومة وبنية معرفية جديدة للإجابة على التساؤلات التى تدور بذهنه نظراً لما حدث من تناقضات ومشاهدات ومستحدثات لم يتوقع أو يتحسب لها. وبهذا يكون المتعلم نشطاً وفعالاً وإيجابياً، ويبحث عن المعنى والمفهوم العلمى المناسب له بعد تساؤل وفحص وتحليل ونقد مستمر. ومن ثم فإن نموذج "سكمان" يعد أحد النماذج التابع للإستراتيجية الاستقصائية التى تهدف إلى توسيع نطاق أدوار المتعلمين من أجل البحث والكشف والاستقصاء. (السعادنة، 2017، 1814: 1816).
ومن أهم المنطلقات التى تعتنقها النظرية التربوية النقدية:
  • الفهم والتحليل والتأمل والاستنتاج والاستدلال والنضج الفكرى أساس عمليات التفكير الناقد (أبو شعبان، 2010، 75: 83). 
  • تنمية إطار من التفكير الناقد لدى المعلمين والمتعلمين يحفزهم على التقييم الذاتى، وحل المشكلات، والتفكير الإيجابى فى طرح بدائل متنوعة. وذلك فى ظل استخدام إستراتيجيات للتعلم النشط والتواصل الفعال مع المتعلمين فى بيئة تعلم صحية وممتعة. (Duron 2006, 160:166)
  • لا يمكن للمعلم تنمية التفكير الناقد بدون تنمية قدرات المتعلم المتنوعة على التحليل والتركيب وانتقال أثر التعلم، والمزج بين كيف يعلم المعلمون وكيف يتعلم الطلاب، وتلك الطرق هى ما تميز معلم عن معلم (Lunenburg, 2012, 5:7) وكذلك النحو الذى يتم فيه اكتساب المهارات المتنوعة ومن ثم الخبرات المتنوعة.
  • هدف التعليم ليس تجميع المعلومات، وحفظها أو حتى معرفتها بل الهدف هو النقد والتحليل المنطقى لتلك الأفكار والمعلومات بدلاً من حتمية فرضها على عقول الآخرين، الأمر الذى يتعارض مع حرية التفكير الفلسفى والنقدى ويتعارض مع تجديد الأفكار والممارسات وفقاً لمقتضيات العصر. (هورنر، 2011، 16)
  • البحث العلمى يقتضى البحث عن الأسباب والعلل البعيدة والملاحظة المستمرة والتجريب من أجل استخلاص النتائج وتفسيرها من خلال عمليات التفكير النقدى المستمرة. (زكريا، 1978، 31).
خامسًا: النظرية التربوية العلمية ((Scientific
أكد على أهمية تطور الفكر العلمى، وتحديث الذهنية العربية، المفكر والفيلسوف العربى "محمد عابد الجابرى"، حيث أكد فى كتابه المعنون "مدخل إلى فلسفة العلوم: العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمى" على ضرورة تمسك الشعوب العربية بنشر المعرفة العلمية، وأن تعمل مؤسسات التعليم جاهدة على ملاحقة الفكر العلمى وتطوره من خلال توجيه اهتمام الطلبة والمثقفين إلى الفلسفات العلمية، وضرورة تجسير الفجوة بين المعاهد والكليات النظرية، والكليات العملية والمختصين بالعلوم التطبيقية. (الجابرى، 2002، 11، 12). وكان "آينشتين" أبرز علماء الفيزياء  فى القرن العشرين، وقد أكد على ضرورة التلاحم بين الفلسفة والعلم، ولا داعى للفصل بين العلوم والإنسانيات عند التدريس للطلاب، ومن أهم مقولاته  فى هذا الصدد "أستطيع أن أجزم بأن أقدر من لقيت من الطلاب أثناء تدريسى لهم كانوا مهتمين اهتماماً كبيراً بنظرية المعرفة، ولا أعنى "بأقدر الطلاب" هؤلاء المتفوقين فى قدراتهم فقط، بل أيضاً فى استقلالهم فى الرأى، ويميل هؤلاء إلى إثارة المناقشات حول بديهيات العلم وطرقه، ويثبتون بعنادهم فى الدفاع عن آرائهم أهمية هذا المنطلق بالنسبة لهم (فرانك، 1983، 7، 8).
وقد نبعت فكرة الالتزام العلمى من تلك النظرة التكاملية بين الفلسفة والعلم، ومن ثم بين التفكير الفلسفى والعلمى. وهذا ما يكون بالضرورة ما يُسمى بـ "الذات الفلسفية" أو النظرة الفلسفية للعالم، التى تستدعى التفكير المابعدى، والمتعمق فى الظواهر الطبيعية والإنسانية. ومن ثم فإن أهم ما تحرص عليه فلسفة العلم هو تكوين النسق المعرفى، وطرح السؤال الأخلاقى لمعرفة القصد والغاية من العلم. (الكيلانى، 2013 ، 35، 36). كما ارتبطت فكرة العقلانية بوجود فلسفة للعلم  ومفاهيم أساسية ينطلق منها العلم تحمل عمقاً فلسفياً فى التحليل والنقد، خاصة عند دراسة قوانين الحركة والميكانيك والديناميكا (نيوتين)، ودراسة الزمان المطلق والزمان النسبى (دالمبار)، وقياس القوى المحركة، وجوهر الأشياء وطبيعتها، ودراسة العلة الغائية والعلة الفاعلة (أرسطو وفولتير)، ودراسة علوم السماء (الميكانيك السماوية) علم الفلك والكسمولوجيا (علم الكون) (هاللى وبرادلى) ومواقع النجوم (فلامستيد) ... (بشتة، 1998، 5: 17). وتدل كتابات أرسطو على حتمية التلاحم بين الفلسفة والعلم، خاصة عند دراسة العلوم الطبيعية التى تتطلب الحس الفلسفى بشقيه الاستقرائى والاستنباطى. وكذلك أكد "كارل بوبر" أن الكشف العلمى عملية إبداعية تستلزم  استخدام الحدس الفلسفى، ومبررات التقدم العلمى. (أبو لطيفة، 2011، 78، 79). ويعرف التفكير العلمى بأنه: ذلك النوع من التفكير الذى يستند إلى الملاحظة الدقيقة للظواهر الطبيعية والإنسانية، ويعتمد التفكير العلمى على خطوات أساسية تبدأ بجمع البيانات وتصنيفها وتحويلها إلى معلومات يتم استخدامها فى السياق المحيط للظاهرة، ثم تحليل الظاهرة، وفرض الفروض كحلول مبدئية، والتحقق من الفروض أو البدائل لاختيار البديل أو الفرض الأنسب بعد التجربة فى نفس السياق المحيط بالظاهرة الطبيعية أو الإنسانية، ويتم استخلاص النتائج، ووضع القيم والمبادئ التى تؤدى إلى تفعيل نتائج العلم (Broks, 2014, 764: 766)
وعند دراسة مهارات التفكير العلمى يتم دراسة موضوعات من مثل الفرق بين العلم والفلسفة، وخطوات المنهج العلمى، وكيفية التأصيل الفلسفى للعلوم، والتفكير النقدى والتمهيد للتفكير الإبداعى، والوصول إلى نتائج علمية مبتكرة تتميز عن ما هو مألوف ومعتاد أو تقليدى. (Seppala, 2013, 39)
وقد أكد "Murphy مورفى" عند دراسة التفكير العلمى على أنه من الضرورى تدريب الطلاب على إدراك العلاقات والتفكر من خلال البحث عن الأدلة العلمية، إذ أن البراهين والأدلة على الحقيقية العلمية يكذب أى إدعاء أو زيف عند الكشف والبحث عنها. وهذا ما يؤكد عليه التفكير الفلسفى فإنه لا يمكن بطبيعة الحال قبول أى مذهب فلسفى بدون أدلة وحجج تؤكد صحة المذهب.
كما أكد على أهمية النقاش والجدال حول الأدلة والبراهين بين الطلاب للتأكد من قوتها، وصحتها وملاءمتها لثبوت الحقيقة العلمية  (Murphy2017, 106:107) .
وتتعدد نماذج التفكير مثل نموذج "سكامبر" للتفكير الإبداعى الذى يقوم على سبع خطوات أساسية، ونموذج الكورت لإدوارد دى بونو الذى يتضمن ستة مجالات للكورت لتنمية مهارات التفكير العليا، ونموذج الاستقصاء والتساؤل لـ "سكمان"، ونموذج الخرائط الذهنية لحل المشكلات والتفكيرالإبداعى  لـ "تونى بوزان"، ونموذج "كولبرج" القائم على التعلم من خلال الخبرة، ....... وهناك غيرها العديد من النماذج التى تشجع على إعمال العقل، وتنمية التفكير العلمى والفلسفى.
وكل تلك النماذج تتسم بالطابع العملى وتقوم على المحاولة والخطأ والاستقصاء والبحث الذاتى.
وإذا كانت الفلسفة مهمتها الكبرى هى الحث على التفكير، فإننا فى الوقت الحالى بحاجة من أجل بناء مجتمعاتنا العربية إلى التفكير العلمى والفلسفى، ودراسته على أسس ومرتكزات تستهدف التفكير خارج الصندوق، وطرح نظريات علمية قابلة للتطبيق، ولها مدى زمنى محدد، وكل ذلك  من أجل تكوين النسق العلمى، وإمكانية تفعيله فى سياقات متعددة.
ومن ثم فإن الأطروحة العلمية بحاجة دوماً إلى تفكير فلسفى علمى يسبقها، كى تتسق الفكرة العلمية منهجيًا ومنطقيًا، وفعليًا. ذلك لأن من أهم سمات العلم القابلية للتطبيق، والقابلية للتحقق، والإجماع العلمى على الأطروحة العلمية محل النقاش.
وإذا كان المشتغلون بالفلسفة معنيون بالبحث عن الحقيقة، فإن المشتغلين بفلسفة العلم معنيون باكتشاف الحقيقة العلمية، وتاريخ العلم، وسوسيولوجيا العلم، واقتصادياته، وسيكولوجياته ذلك من أجل حمل المسئولية العلمية عند تطبيق الاكتشافات العلمية، أما المشتغلون بالتفكير العلمى والفلسفى فيسعون إلى تطبيق ذلك داخل ميدان العمل على الفئات المستهدفة داخل كل مجال.
وقد اهتمت منظومة التعليم الجامعى فى الآونة الأخيرة بتأسيس مدن المعرفة، وحدائق المعرفة والتكنولوجيا داخل جامعاتها، بحيث تضم الجامعة مبانى مستقلة للإبداع العلمى والإبتكار باستخدام التكنولوجيا. وهذاأصبح الشغل الشاغل لجل الجامعات الأوربية والآسيوية والأفريقية، وهذا ما أكد على أهمية التمكين لفلسفة العلم، وأهمية تعلم مهارات التفكير العلمى والفلسفى داخل الجامعات العالمية لا سيما الجامعات العربية.
وقد أضحت الجامعات تدرج ضمن برامجها برامج من مثل التفكير الناقد والتفكير الإبداعى، وريادة الأعمال والمشروعات، وحل المشكلات من خلال التعلم، والتعلم القائم على الخبرة، والتعلم القائم على الإكتشاف العلمى، والقيادة العلمية، وبناء التفكير العلمى، والخيال العلمى، الممارسات الذكية وأفضل الممارسات داخل منظومة الجامعة، وإدارة المعرفة وتوظيفها، والبحث عن معرفة غير تقليدية وحلول وقرارات قابلة للتطبيق فى سياقات متعددة (Hoffman 2014, 52)، وكلها أصبحت مواد أساسية للدراسة والبحث ومعايير للحكم على جودة البرامج الدراسية داخل الجامعات العالمية والتى تحتل ترتيب أكاديمى متقدم فى الخمس سنوات الأخيرة.
بناء على ما سبق، فإن المنطلقات الأساسية للنظرية التربوية العلمية هى:
  • تعلم التفكير العلمى والفلسفى واستخدامه كمنهج حياة يُضاعف بدوره رصيد الخبرة لدى أطراف منظومة الجامعة والمدرسة، ويحسن بدوره الأداء الممارس.
  • إعداد مراكز تكنولوجية  Technology Hub داخل المنظومة الجامعية، ذلك لأن الجامعة دوماً تؤسس للمجتمع العلمى داخلها ومن ثم فإن المجتمع العلمى يتأسس على الفكر العلمى والفلسفى ولا يمكن أن يتأسس مجتمع علمى بدون تفكير علمى وفلسفى.
  • حسن استثمار المعرفة وتصنيفها وتوظيفها لخدمة أغراض البحث العلمى مهارة فى حد ذاتها، بحاجة إلى تقنين منظومة التعليم، حيث نجد كثيراً من الباحثين ينساقون وراء البيانات والمعلومات دون تحديد الهدف من جمع تلك البيانات، وبالتالى نقل تلك المعارف والمعلومات دون فهم أو دراية والنتيجة نسخ من الآخرين دون الإتيان بجديد أو إبداع شئ ما يحرك مجالات التنمية المتنوعة إلى الأمام.
  • ترتبط عملية إدارة المعرفة إلى عمليات العصف الذهنى وتوليد المعرفة ومشاركة الأفكار حتى يتم التوصل إلى أفكار مستحدثة تضاف إلى بنك الأفكار العلميةIdeas Bank .
  • عند استخدام مهارات التفكير العلمى يكون للتدريس إستراتيجيات تعليم وتعلم متنوعة أهمها تعويد المتعلمين والباحثين على التعلم الذاتى والبحث المستمرين، والتعاون والمشاركة والعمل الجماعى، وقد يسرت التكنولوجيا أساليب وأدوات التدريس، بحيث تنوعت برامج التعليم والتدريب وأصبحت شيقة باستخدام التكنولوجيا من عارض فوق الرأس، وداتا شو، وانفوجرافيك، وفيديوهات تعليمية، وكروت ملونة، وملصقات، وكلها أشياء أصبحت مطلوبة لحيوية وتفاعل المتعلمين داخل حجرة التعلم. والأهم فى ذلك كله إستراتيجيات وطرق التعليم والتعلم، والتى معظمها نابع من التفكير الفلسفى والعلمى مثل:
العصف الذهنى وإثارة التساؤلات Brainstorming  – الخريطة  الذهنية Mind Map ، والخريطة المفاهيمية Concept Map ، وشجرة المفاهيم Concept Tree  – ودوائر التعلم Learning Cycles ، مخطط السبب والنتيجة Fish Bone  - الحكى القصصى Story Telling ، ولعب الأدوار Role Play  ، والتمثيل والمحاكاة Simulation، والتخمين الذكى Smart Guess ، التحليل الناقد critical Analysis  والتحليل الماورائى Meta-Analysis ، والتفكير العميق Deep Thinking  .......
وغيرها من الإستراتيجيات التى تتطلب الفهم والتعقل والتفكير والاستنتاج للوصول إلى الهدف، وكلها مهارات بحاجة إلى أن يتقنها الأستاذ الجامعى والطالب والقيادة الجامعية.
وعلى هذا النحو لا يمكن الفصل بين الخمس نظريات للتربية، أو تزكية إحداها على الأخريات بل إن كل نظرية لها مبررات تواجدها، ومن الأفضل النظر إلى الاتجاهات الخمسة للنظريات على أنها متكاملة أكثر من النظر إليها على أنها أضداد، وعلى المرء التفضيل واختيار أحسنهم. فتلك النظرة تتنافى مع التفكير المنظومى والذى يحتم التكامل والاندماج ووجود نظريات بينية فى التربية فكل هذا يشجع على وجود ممارسات تعليمية متنوعة ومهارات وأنشطة متعددة وإبداعات وخبرات متعددة تخدم مجالات متنوعة للتنمية.





القسم الثالث: إمكانية توظيف النظرية التربوية داخل منظومة الجامعة
تعد منظومة الجامعة مكاناً لطلب العلم، وإعداد البحوث العلمية الأساسية والتطبيقية، وتتخذ الطابع المؤسسى، ويحكمها  لوائح وقوانين لتحديد الوظائف والممارسات الأكاديمية، وثمة هيكل تنظيمى لتحديد المهام والمسئوليات والأنشطة ومن ثم تعد الجامعة مؤسسة تنموية تستهدف إعداد أجيال لخدمة أغراض التنمية المستدامة فى مجالات التنمية المتنوعة. ومن ثم فالجامعة تحتل الصدارة الآن فى معظم الدول المتقدمة لما لها تأثير قوى على مستقبل التنمية والتقدم داخل الدولة. (EUA, 2007, 18: 20)
وتتمتع منظومة الجامعة بممارسات أكاديمية متنوعة بحكم التغير السريع والمتسارع الذى أصبحنا نشهده فى كافة مناحى الحياة لاسيما الكيانات العلمية والأكاديمية والتربوية والثقافية.
وتشيرالممارسات الأكاديمية إلى دراسة الأنشطة والأفعال داخل الجامعة وفقاً للمعايير والمبادئ الأكاديمية واللوائح والقوانين الجامعية وذلك للوصول بالجامعة إلى أفضل ممارسات ممكنة، بحيث تكون الممارسات داخل الجامعة وخارجة جديرة بالثقة ولديها قدرة تنافسية من أجل الوصول بها إلى ميزة تنافسية .(University of Birmingham 2015, 3)
ومن ثم فإن وجود نظرية تربوية داخل المجتمع الأكاديمى الجامعى أضحى من الأهمية بمكان بما يحتم ضرورة التفات النظر إليه، فمن أجل وجود ممارسات أكاديمية ذكية ونزيهة من الضرورى وجود نظريات تربوية تمهد لتلك الممارسات الذكية فى إطار سياق تربوى ينبع من ثقافة كل مجتمع يؤكد على رسالة الجامعة التى يحملها من أجل إعداد مواطنين فعالين ومنتمين ومنتجين للدولة وممثلين متميزين وسفراء مشرفين داخل المجتمع وخارجه.
ومن ثم فإن مبررات وجود نظرية تربوية فى الشأن الأكاديمى وداخل منظومة الجامعة كثيرة ومن أهمها
  • التأصيل لمشروع حضارى للدولة ينبع من نظرية وفكر إبداعى تكون التربية رائدًا لتلك النظرية لما للتربية من موروث ثقافى وحضارى وتاريخى وقيمى  وعلمى واجتماعى لا يمكن إغفاله عند التفكير فى المستقبل ومن ثم فالتربية لها دور فى ريادة المستقبل للأمة وكذلك لمنظومة الجامعة (على، 2009، 111: 115).
  • وجود نظرية للتربية داخل الحقل الأكاديمى يسهم فى إثبات وبرهنة كل ممارسة داخل المجتمع الأكاديمى بأدلة علمية ذات دلالة وصدى لدى الجميع، وهذا ما تحاول النظرية التربوية تدشينه وهو التحليل والنقد وإثبات المقولات والممارسات بالأدلة والبراهين المقنعة من خلال السياق الثقافى والمجتمعى المحيط. (Whitehead, 2009, 361: 363)
  • وجود نظرية تربوية داخل المجتمع الأكاديمى يشجع بدوره على التفكير العلمى، وإشاعة الروح العلمية والبحوث العلمية التطبيقية بناء على التزامات وقوانين علمية وفق مناهج تربوية تؤسس لسرعة انتشار العلوم وانتقال تأثير العمل العلمى فى تحريك بيئة التعلم نحو الاكتشافات العلمية. (Kortland, 2010, 90: 93)
ومن ثم يظهر هذا التساؤل كيف يمكن توظيف النظرية التربوية داخل منظومة الجامعة؟
من العرض السابق نجد أن تحليل بنية النظرية التربوية يتطلب وعيًا نقديًا وفهمًا لطبيعة الظروف والسياق الذى يمر به كل مجتمع. ومنظومة الجامعة تتمتع بميزة لا توجد فى مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى تتمثل فى  تضمينها مختلف العقول، وتنوع التخصصات، والتكامل فى كافة التخصصات.
ويمكن توظيف النظرية التربوية داخل منظومة الجامعة من خلال المداخل التالية:
المدخل الأول: ربط النظرية التربوية بالتخصصات الأكاديمية العلمية والنظرية
ليس بوسع أى علم الحصول على الإجماع أو الاتفاق والاتساق العلمى بدون وجود رؤية لغرس تلك الإبداعات العلمية والأدبية فى عقول الناس وهذا ما تدشنه النظرية التربوية من خلال وضع أسس التعامل مع الفروق الفردية والقدرات العقلية المتنوعة، والمنحى الذى من خلاله يمكن إثبات وجهة النظر بالأدلة والإقناع العلمى والفلسفى، والتفسير الفينمنولوجى لأى ظاهرة يتطلب معرفة علمية واسعة ومتعمقة بالظاهرة الطبيعية أو الإنسانية، وكذلك والملاحظة العلمية المباشرة وغير المباشرة، وتحليل لبؤرة الوعى القصدى، وإرجاء الحكم حتى يتم التحقق التام والتأكد من التأثير الإيجابى للظاهرة المدروسة من خلال عمليات التحليل المابعدى ورفض الأحكام المسبقة حول نتائج الظاهرة وتعليق الحكم، ومشاركة النتائج العلمية التى تم التوصل إليها مع المتخصصين لتحديد نقاط القوة والضعف فيما تم التوصل إليه، وهذا كله تقوم به عمليات التحليل الفلسفى وما تضمنه من نظرية شاملة لكل أبعاد الموضوع المطروح (Husserl, 2007, 240).
وهذا ما تقدمه النظرية التربوية من وضع رؤية تربوية شاملة ومتكاملة للعلم ومجالاته المتعددة وكيفية دراسته، والإستراتيجيات المتنوعة لإقناع المتعلمين والدارسين بالموضوعات والأفكار المطروحة.
وهذا يمكن تحقيقه من خلال:
  • تأصيل نظرية تربوية ذات تطبيقات عملية تتصل بكل موضوع علمى أو نظرى.
  • بناء الوعى باستخدام تلك التطبيقات وفقاً للمبادئ والتوجهات الفكرية التى تحملها النظرية التربوية.
  • إعداد الباحثين والمتعلمين والدارسين لأبحاث تطبيقية تحمل نظرية تربوية إرشادية عند تطبيق تلك الأبحاث داخل السياق المجتمعى.
  • تضمين النظرية التربوية لكل علم مدروس إرشادات لكيفية التعامل مع القدرات العقلية المتنوعة والثقافات المتعددة والتنوع الثقافى فى ظل مجتمع عولمى وتنافسى.
المدخل الثانى: الإندماج الاجتماعى لمنظومة الجامعة مع المجتمع الخارجى لغرس النظرية التربوية
لأهمية انخراط الجامعة كمجتمع أكاديمىSocial Engagement  يستخدم مصطلح الاندماج الاجتماعى داخل المجتمع من خلال التركيز على المنح العلمية لجموع المجتمع، وتشجيع البحث العلمى داخل المجتمع وليس فقط داخل الجامعة، وبث الروح العلمية، والعمل الجماعى والتطوعى، والتعليم المستمر داخل المجتمع وهذا لن يتأتى إلا من خلال وجود نظرية تربوية أخلاقية تبث قيم الديمقراطية والعدالة ووصول الخدمات التعليمية لكافة أطياف المجتمع، وهذا الدور الخدمى للجامعة جزء أساسى من عمل الجامعة ككيان مجتمعى فى المقام الأول. ويحدث الإندماج الاجتماعى من خلال الأنشطة المجتمعية والتلاحم مع المشكلات المجتمعية للمجتمع الخارجى، وربط المجال العلمى بعمليات التعلم الخدمى والمجتمعى. (MUGABI, 2014, 104: 105)
وهذا يمكن تحقيقه من خلال:
  • توضيح رسالة الجامعة التربوية والأخلاقية والعلمية للمجتمع الخارجى ودورها فى خدمة المجتمع والبيئة.
  • وضع إطار للعمل واضح داخل منظومة الجامعة يشتمل على خطة تطوير شاملة للمجتمع.
  • وضع خطط تنفيذية وإجرائية منجزة لتنفيذ برنامج العمل لاندماج الجامعة داخل المجتمع.
  • التوسع فى مشروعات إنتاجية من خلال منظومة الجامعة تخدم مجالات التنمية المتنوعة داخل المجتمع.
  • تأسيس مدن المعرفة داخل الجامعة تستهدف خدمة المجتمع وحل مشكلاته الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية والعلمية.
  • فتح المجال للمشاركة المجتمعية داخل منظومة الجامعة وتكوين رأس مال اجتماعى وأخلاقى لخدمة أغراض التنمية المستدامة.
المدخل الثالث: تحول مجتمع الجامعة من مجتمع أكاديمى تنظيرى خدمى إلى مجتمع علمى تربوى إنتاجى
أصبحت للجامعات ميزة تنافسية من خلال ما تقدمه من خدمات حقيقية للمجتمعات، وقدرتها على التماشى مع مسارات التنمية المتنوعة. حيث أن إدارة المعرفة وتنظيمها وتصنيفها لم يعد هو الشغل الشاغل للجامعات المتقدمة والتى تحظ على تصنيف دولى وإنما الجامعات ذات الطابع العلمى والتى توظف تلك العلوم لإعداد جيل محمل بالعلم والمعرفة من خلال أسس تربوية سليمة ورؤى تتضمن الالتزام العلمى والأمانة العلمية والضمير المهنى والشفافية والموضوعية. وهذا التحول حتمته لغة العصر الذى يحمل التغير السريع، وهذا يتطلب اتقان العديد من المهارات التى تغرسها النظرية التربوية بتركيباتها الفلسفية والتحليلية والنقدية من مثل:
  •  الانتقاء المعرفى
يتحقق عندما تتكون لدى المتعلم مهارة التصنيف المعرفى، والقدرة على الاختيار من بين البدائل والفروض والمعلومات المتاحة. ومن ثم مهارة كتلك تتطلب تعلم العديد من المهارات:
  • القدرة على الاختبار الدقيق للمعلومات المتاحة.
  • تحديد الهدف من المعلومات والمعرفة المتحصل عليها.
  • التحقق من صحة المعلومات المتداولة من خلال مصادر علمية موثوق بها.
  • التمييز بين المعلومات الصالحة للسياق، والصالحة لسياقات أخرى.
  • رسم مخطط لمستقبل الظاهرة عند اختيار البديل المناسب.
  • إعادة الانتقاء المعرفى عند عدم نجاح البديل المعرفى، أو صعوبة تنفيذه.
  • القراءة الواسعة والمتعمقة فى مجال الدراسة لاكتشاف معلومات ومعارف لم يلتفت إليها ميدان العلم.
ب- تحليل بنية العلم )مورفولوجيا العلم (Morphology  
­­          المقصود بالمورفولوجى علم التكوين ودراسة البنية للعلوم الطبيعية والبشرية والحيوانية والروحية . وقد كانت باكورة القول بالمورفولوجيا فى القرن التاسع عشر على يد الشاعر والفيلسوف الألمانى Johann Wolfgang von Goethe (1749–1832) الذى رأى أن لكل علم تكوينه وشكله وبنيته التى يستلزم دراساتها بشكل فريد. وقد استخدم المصطلح على نطاق واسع فى علم البيولوجيا، واللغات، والفلسفة، والشعر، والجيولوجيا، والإيكولوجيا، والإبستمولوجيا، وغيرها من العلوم التى تتطلب دراسة الشكل والبنية الداخلية والتراكيب، والمعنى، وتأثير التغير التكوينى للعلم على مستقبل العلوم وتطور نظرياته وتطبيقاته  (Aronoff, 2002, 4). وعند تحليل البنية يتم تحديد فيما بعد "سلالم البنية أو مستويات البنية" على شكل مراحل أو أجيال مثل الجيل الأول أو المرحلة الأولى، ومستويات البنية فى كل جيل وعلاقة كل مستوى بما قبله وبالمستويات اللاحقة وعلاقة كل جيل بالأجيال الأخرى السابقة واللاحقة حتى نصل إلى الجيل الحالى من بنية العلم المدروس أو مجال العلم ذاته. والتدريب على التحليل الكرونولوجى (السلاسل الزمنية) لبنية العلم.
ج- توظيف المعرفة
توظيف المعرفة فى السياق المطلوب لها ضمان لاستمراريتها، واستدامتها ونفعها للناس، ولا تعد المعرفة غير الموظفة معرفة بالأساس لأنه لم يتم استخدامها أو تحقيق نفع من خلالها.
ولهذا فتعلم كيفية توظيف المعرفة مهارة من الضرورى إتقانها عند دراسة أى ظاهرة طبيعية أو إنسانية.
ولهذا تتطلب تلك المهارة تعلم عدة نقاط:
  • دراسة مستفيضة لسمات وخصائص المعرفة المُراد توظيفها.
  • تحليل السياق المطلوب توظيف المعرفة به.
  • تجريب المعرفة المتفق عليها داخل السياق واستطلاع الرأى حولها وحصد النتائج.
  • تحليل وإدارة النتائج وقياس مدى تحقيقها للهدف.
  • تداول النتائج مع المتخصصين قبل إعلانها.
  • متابعة مدى تحقيق المعرفة التى تم توظيفها للهدف الذى وجدت له.
  • تعلم كيفية كتابة تقارير فحص للمشكلات الطارئة المتوقعة وغير المتوقعة عند توظيف المعرفة فى سياق معين.
ومن ثم لازالت منظومة الجامعة تبحث عن التميز الأكاديمى والعلمى والتربوى والتقنى ولكن فى إطار مجتمعى بفضل عولمة سوق التعليم العالى ، بوصفه قطاعًا خدميًا تنمويًا إنتاجيًا تسعى المجتمعات إلى التركيز عليه من أجل مستقبل التنمية داخل المجتمع المحلى والدولى على السواء. (بارنيت، 2005، 234)
نتائج البحث
بعد العرض السابق لماهية النظرية التربوية لدى مفكرى التربية المعاصرين، وأهم الاتجاهات المعاصرة للنظرية التربوية وكذا إمكانية توظيف النظرية التربوية داخل المجتمع الأكاديمى وخاصة منظومة الجامعة فقد انتهى البحث الحالى إلى ضرورة وجود نظرية تربوية داخل منظومة الجامعة، وأن تكون تلك النظرية مستقاة من الواقع والسياق الثقافى والمجتمعى، وتعالج مشكلات حقيقية علمية وثقافية واجتماعية وصحية وخلقية، وأن كل مجال علمى وأدبى من الضرورى وجود النظرة التربوية التى تحتويه من أجل الفهم والاستيعاب والتطبيق والاتساق الفكرى والعملى. 
كما انتهى البحث إلى الإشارة إلى وجود ثلاثة مداخل رئيسة لتوظيف النظرية التربوية داخل منظومة الجامعة؛
المدخل الأول: ربط النظرية التربوية بالتخصصات الأكاديمية العلمية والأدبية.
المدخل الثانى: الاندماج الاجتماعى لمنظومة الجامعة مع المجتمع الخارجى لغرس النظرية التربوية.
المدخل الثالث: تحول مجتمع الجامعة من مجتمع أكاديمى تنظيرى خدمى إلى مجتمع علمى تربوى مجتمعى.
 
 
 
 
 
 
 
 

قائمة المراجع:
- أبوزيد، محمود (1992): هل نحن فى حاجة إلى نظرية تربوية، مجلة التربية المعاصرة، مصر.
- أبو شعبان، نادر (2010): أثر استخدام إستراتيجية تدريس الأقران على تنمية مهارات التفكير الناقد في الرياضيات لدى طالبات الصف الحادي عشر قسم العلوم الإنسانية (الأدبى) بغزة، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، غزة.
- أبو لطفية، بسنت (2011): تطوير فلسفة العلم، رسالة المعلم، وزارة التربية والتعلبم، الأردن.
- السعادنة، يزن (2017): أثر التدريس باستخدام نموذجى سكمان االستقصائى والنموذج المنظومى المعرفى الشامل فى اكتساب المفاهيم العلمية لدى طالبات الصف الثامن الأساسى، مجلة جامعة النجاح لألبحاث العلوم اإلنسانية المجلد 31، العدد (10)، الأردن.
- الكيلانى، ماجد (1985): تطور مفهوم النظرية التربوية الإسلامية دراسة منهجية فى الأصول التاريخية للتربية الإسلامية، دار بن كثير، بيروت.
- أولسون، لين (2000): ثورة فى التعليم من المدرسة إلى العمل، ترجمة شكرى عبد المنعم مجاهد، الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية، القاهرة.
- بارنيت، رونالد (2005): إعادة تشكيل الجامعة، علاقات جديدة بين البحث والمعرفة والتدريس، تعريب شكرى مجاهد، العبيكان، المملكة العربية السعودية.
- بشتة، عبد القادر (1998): عقلانية العلوم فى عصر الأنوار، مجلة مدارات، العدد 9، 10، جمعية مدارات معرفية، تونس.
- بن شاكر، أبو حميدى (2008): تأصيل الرؤية فى النظرية التربوية رؤية إسلامية، مجلة كلية التربية، العدد 38، جامعة طنطا، مصر.
- بوبر، كارل (2007): منطق البحث العلمى، ترجمة محمد البغدادى، مركز دراسات الوحدة العربية، ط10، بيروت.
- بوخنيسكى، جوزيف (1996): مدخل إلى الفكر الفلسفى، ترجمة محمود حمدى زقزوق، دار الفكر العربى، القاهرة.
- جابرى، محمد (2002): مدخل إلى فلسفة العلوم: العقلانية المعاصرة وتطور الفكر العلمى، الطبعة الخامسة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت.
- حسنين، عبد المنعم (1997): الحاجة لبناء نظرية عربية للتدريس، مجلة التربية، سلسلة 26، العدد122، قطر.
- زكريا، فؤاد (1978): التفكير العلمى، المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب، الكويت.
- على، سعيد إسماعيل (1990): اجتماعية التربية رؤية حتمية لبناء نظرية تربوية إسلامية،  مجلة دراسات تربوية، المجلد 6، الجزء 30، مصر.
- على، سعيد إسماعيل (2009): مستقبل تعليم الأمة العربية، دار الفكر العربى، القاهرة.
- على، سعيد إسماعيل (1997): التربية التحليلية، سلسلة فلسفات تربوية، عالم الكتب، القاهرة.
-على، سعيد إسماعيل (1990): الفكر التربوى العربى الحديث، عالم المعرفة، العدد 113، المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب، الكويت.
- فرج، هانى عبد الستار (1993): النظرية والممارسة في ميدان التربية: دراسة فلسفية، مجلة دراسات تربوية، المجلد 9، الجزء 59، مصر.
- فرانك، فيليب (1983): فلسفة العلم: الصلة بين العلم والفلسفة، ترجمة على على ناصف، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
- فيشر، آلك (2009): مقدمة فى التفكير الناقد ، تعريب ياسر العيتى، دار السيد للنشر، السعودية.
- مجمع اللغة العربية (1983): المعجم الفلسفى، الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، القاهرة.
- هورنر، كريس، ويستاكوت، إمريس (2011): التفكير فلسفيًا. مدخل، ترجمة ليلى الطويل، الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق.
- يونس، فتحى (1992): البحث عن نظرية عربية فى المنهج، مجلة دراسات تربوية، المجلد 8، الجزء 49، مصر.
- Aronoff, Mark (2002): What is Morphology? , Black well Publisher, USA.
- Arends, l. , Winitzk, N. , & Tannenbaum, M. D. (2001): Exploring Teaching an Introduction to Education, McGraw- Hill higher education ,New York.
- Broks, Andris (2014):  Scientific Thinking: The Backbone of Modern Science and Technology Education, Journal of Baltic Science Education, Vol. 13, No. 6, University of Latvia, Latvia.
- Bansal, Suraksha(2015): PERENNIALISM – A CONCEPT OF EDUCATIONAL PHILOSOPHY, International Journal of Education and Science Research REVIEW, Volume-2, Issue-6,  available at :http://www.ijesrr.org/.
- Ching, Chin Phoi (2014) :  Linking Theory To Practice: A Case-Based Approach in Teacher Education , , Social and Behavioral Sciences, No. 123, Elsevier Ltd, Available online at www.sciencedirect.com.
- Crittenden , Etta M(2010) : Essentialism: Everything Old Is New Again, University of Tennessee at Chattanooga, USA.
- Duron,Robert ( 2006) : Critical Thinking framework for any discipline ,international journal of teaching and learning in higher education ,Vol.( 17),No.(2), ,  available at :http://www.ijestl.org/ijtlhe.
- EUA (2007): Managing the University Community: Exploring Good Practice, European University Association, Brussels, Belgium.
- Hoffman, Edward (2014) : Managing Mission Knowledge  at NASA, American Society for Training & Development, USA.
- Husserl, Edumund( 2007):"The Idea of Phenomenology , Five Lessons", translated by Fathi Invoked, Arab Organization for Translation , Beirut.
- Hutchins, Robert (1953): The Conflict in Education, Harper , New York.
- Kwanda, Chiwimbiso, Mosito, Cina(  2017): student-teachers’ understanding of the role of theory in their practice, Journal of Education, faculty of education,  Cape Peninsula University of Technology.
- Kortland, Koss(2010): Designing Theory-Based Teaching-Learning Sequences for Science Education ,Utrecht University, Holland.
- Kneller, George F.(1964): Introduction To The Philosophy of Education, Second Edition, John Wiley & Sons, USA.
- Lunenburg, Fred (2012) : Teachers’ Use of Theoretical Frames for Instructional Planning: Critical Thinking, Cognitive, and Constructivist Theories, INTERNATIONAL JOURNAL OF SCHOLARLY ACADEMIC INTELLECTUAL DIVERSITY VOLUME 14, NUMBER 1, USA
 
- Leshkovska, Elena, Spaseva, Suzana (2016): JOHN DEWEY’S EDUCATIONAL THEORY AND EDUCATIONAL IMPLICATIONS OF HOWARD GARDNER’S MULTIPLE INTELLIGENCES THEORY, (IJCRSEE) International Journal of Cognitive Research in Science, Engineering and Education, Vol. 4, No.2, USA.
-Link,Sharon (2008) : Essentialism & Perennialism, EBSCO Research Starters,USA.
- Moore,T.W(2010): Philosophy of education an introduction , Routledge & Kegan Paul, London.
- Mugabi, Henry (2014): Institutionalization of the ‘Third Mission’ of the University The Case of Makerere University, ACADEMIC DISSERTATION University of Tampere School of Management, Finland.
- Mason, Jennifer (2002): qualitative research, second edition, Sage publication, London.
-Murphy, P. Karen (2017): Enriching Students’ Scientific Thinking through Relational Reasoning: Seeking Evidence in Texts, Tasks, and Talk, Educ Psycho review, Vol.29, Springer, New York.
- RADU, Lucian (2011): John  Dewey and progressivism in American education, Social Sciences • Law • Vol. 4 (53) No. 2 , Bulletin of the Transilvania University of Braşov, Romania.
-Scott, John, Marshll, Gordon (2009): Dictionary of Sociology, Oxford University Press, Third Edition, New York.
- Council of Norway (2011): the role of theory in educational research, Norwegian Educational Research Towards 2020, Norway.                                                          
- University of Birmingham (2015): a short guide to good academic practice, academic skills center, UK.  
- Whitehead, Alfred (2009): The Aims of Education, Philosophy of Education. The Essential Texts, edited by Steven M.Cahn, Routledge, London.

المزيد من الدراسات