الرئيسيةأعداد المجلة تفاصيل الدراسة

التربية الجنسية بين غفله الاباء وحاجة الابناء

لحمد لله تعالى رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد/ فلا ريب في أن (التربية) بصفة عامة- شأنها شأن العلوم الأخرى- لها أسسٌ وأصول، وأهداف وغايات، فهي عمل هادف ومثمر ومنظم له العديد من الضوابط والقوانين التي تجعل منه عملاً إيجابياً وفناً إبداعياً يمكن تطبيقه في واقع الحياة. وإذا نظرنا إلى (التربية الإسلامية) بصفة خاصة نجد أنها غير محصورة في التعليم أو التدريب أو التعويد أو اكتساب الأخلاق، ولكنها عملية نمو شاملة للشخصية الإنسانية من مختلف جوانبها، فهي منهج شامل لكل ما له علاقة بالعملية التربوية اللازمة للإنسان التي تكون من ثمارها إصلاحه، وتهذيبه، وتأديبه، وتزكيته، والحرص على تعليمه، ونصحه وإرشاده في ضوء تعاليم وتوجيهات الدين الإسلامي الحنيف. ولهذا كانت (التربية) رسالة الأنبياء والمرسلين عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم، وموضوع الصالحين والمفكرين على مدار التاريخ، لينشأ كل فرد في المجتمع تنشئة متوازنة يكون فيها منسجماً مع طبيعته التي خلقها الله تعالى، ومع فطرته التي فطره عليها، ومع خصائصه التي حباه الله تعالى بها، ومع دوافعه التي زود بها، ومنها (الدافع الجنسي) الذي خلقه الله تعالى في النفس البشرية ليكون سبباً في استمرار الكائنات الحية جميعاً، ومن بينها الإنسان الذي حدد له زمنا معينا لتفجير هذه الطاقة ليكون قادراً على الزواج، وبالتالي الإنجاب، وسمي هذا السن بـ (سن التكليف) الذي بدخوله يصبح الإنسان مسئولاً عن تصرفاته، محاسباً على أعماله. ولكي يسير هذا الدافع الجنسي بشكل هادئ يصل بصاحبه إلى بر الأمان وسفينة النجاة، بلا تهيجات خارجية تغذيه نحو الانحراف عن السلوك القويم، وتغريه بإشباعه عن طريق إتباع سبل المنحرفين، فقد رعى الإسلام هذا الدافع وأحاطه بسياج منيع، وحصنه بحصن حصين، وسوره بمجموعة من الأوامر والنواهي لتهذيبه، وإبقائه متوازنا طاهرا بلا انحراف، نقيا بلا تلوث، عفيفا بلا معصية. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هو كيف نصل إلى هذه النتائج؟. والجواب: أنه لا سبيل للوصول إلى هذه النتائج إلا من طريق واحد وهو (التربية الجنسية)، نعم التربية الجنسية التي مازالت تتأرجح بين جهل الأبناء وغفلة الآباء بحجة الحياء أو اللامبالاة أو العادات والتقاليد، وهي حجج واهية قد تترتب عليها آثار خطيرة، وعواقب وخيمة، إذا استمر الحال على ما هو. ولينبه الآباء والأمهات، والأولاد والبنات إلى أن (التربية الجنسية) لا تقل بحال من الأحوال عن التربية العقلية أو الجسمية. وقد أولاها الإسلام من الاهتمام والعناية مثلها مثل غيرها، فلم يتركها هملاً، كما أنه لم يقصد إليها قصداً، فهي لا تقصد لذاتها ليتلذذ بها المنحرفون، وإنما يتم تعليمها تبعاً للعبادة التي أوجبها الإسلام، وأن تؤخذ من مصادرها الأم: كتاب الله تعالى، ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم المؤلفات الإسلامية الموثقة، وأخيرا الكتب الأجنبية المنصفة، فالحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها فهو أحق بها.

المزيد من الدراسات